إذًا ومنه ما هو منقولٌ كفضلٍ وأسد لو سميت رجلٍ أسد، هذا منقول عن اسم حيوان معروف أو فضل وهو مصدر، وذو ارتجال كسعاد وأُدَد، سعاد قيل: هذا لم يسبق له استعمالٌ في غير الْعَلَمِيَّة كذلك أُدَد لم يسبق له استعمالٌ في غير الْعَلَمِيَّة، إذًا على هذا القول: بأن القرآن اسمٌ وعلمٌ. حينئذٍ يكون علم شخصٍ اسمٌ علمٌ غير مشتق خاص بكلام الله فإذا أطلق لفظ القرآن انصرف إلى كلام الرب جل وعلا، مثل ما تقول: قال زيد. فتعرف زيد أنه ذات التي أدركت ماهيتها وحقيقتها فهو غير مهموز لأنه وضع هكذا وما وضع بدون همز لا يمكن أن يهمز فإذا قيل: قران. فحينئذ يكون وزنه فُعَال، فُعَال قران فتكون النون أصلية والألف زائدة لأنها تكون لام الكلمة فعال قران ليس عندنا همز والألف هذه مقابلة للألف والنون تكون أصلية قران القاف هي فاء الكلمة والراء هي عين الكلمة قران والنون هي لام الكلمة، فصارت النون أصلية وهو وُضع ارتجالاً ابتداءً بدون همز وهذا منسوب إلى الشافعي.
أخرج البيهقي والخطيب عن الشافعي رحمه الله تعالى أنه يقول: القران اسم وليس مهموزًا ولم يؤخذ من قَرأت. إذًا غير مشتق لأنه لو أخذ من قرأت لكان الأصل فيه أنه مهموز لأن قرأ الهمزة هي لام الكلمة فصارت الهمزة أصلاً حينئذ يكون الأصل في المصدر لأنها وجدت في الماضي ولذلك بعضهم يستشكل يقول: كيف يقال القرآن مأخوذ من قرأ ومعلوم أن القرآن مصدر وقرأ فعل ماضي.
والمصدر الأصل وأي أصلِ ... ومنه يا صاح اشتقاق الفعلِ
كما هو مقرر عند البصريين على القول الراجح فكيف يقال: القرآن مأخوذ من قرأ؟ نقول: ليس قصدهم أنه فرع العام وإنما المراد أنه اجتمع معه في مادة الاشتقاق وأرادوا بذلك أن يستدلوا على أن الهمزة أصل قَرَأَ على وزن فَعَلَ، إذًا الهمزة هي لام الكلمة، إذًا قران سواء نطق بالهمزة قرآن أم حذفت الهمزة لإسقاط حركتها إلى الساكن قبلها فحذفت قران فحينئذٍ يكون وزنه فعلان كغفران ورجحان كما سيأتي.
إذًا قال الشافعي رحمه الله: القران اسم وليس مهموزًا ولم يؤخذ من قرأت ولو أخذ من قرأت لكان كل ما قرئ قرآنًا - رحمه الله وهذا ليس بمُسَلَّم - ولو أخذ من قرأت لكان كل ما قرئ قرآنًا. نقول: لا، جعل علمًا على كلام الرب جل وعلا وحينئذٍ لا يجوز إطلاقه على كل ما قُرئ أما كونه مشتقًا منه. نحن نقول: هذا لا شك بتسليمه لو سُلِّمَ بكونه مشتقًا من قَرَأَ هل يَلْزَم منه أنه يُطلق القرآن على كل كلامٍ مقروء؟
الجواب: لا، لماذا؟