(كآيَةِ النَّجْوَى) يعني: وذلك كآية النجوى دائمًا إذا جاءت مثل هذا تقدره أنه خبر لمبتدأ محذوف، لأنه لا يمكن أن يبتدئ الكلام جار ومجرور، فتنظر إما أن يكون بعده خبر وإما مبتدأ مؤخر وإما أن تقدر مبتدأ محذوفًا. ... (كآيَةِ النَّجْوَى) يعني: وذلك كآية النجوى وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا} [المجادلة: 12]. هذا أمر والأمر يقتضي الوجوب، {فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} قيل: على الإيجاب وهو ظاهر النص وقيل: الندب. هذه الآية نسخت بقوله: {أَأَشْفَقْتُمْ} ... [المجادلة: 13]. التي تليها: {أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ}. قال ابن عطية رحمه الله: قال جماعة: لم يَعْمَل بهذه الآية بل لم يُعْمَل بهذه الآية بل نُسخ حكمها قبل العمل. التي هي ماذا؟ [لا ليس: ... {أَأَشْفَقْتُمْ}] نحن نقول: أن ذكرت الصواب أولاً {إِذَا نَاجَيْتُمُ} قال ابن عطية رحمه الله: قال جماعة: لم يُعْمَل بهذه الآية أحد أبدًا أليس كذلك؟ بل نُسخ حكمها قبل العمل.
وصح عن علي رضي الله تعالى عنه قال: ما عمل بهذه الآية أحدٌ غيري، ولا يعمل بها أحدٌ بعدي. رواه الحاكم وصححه أليس كذلك؟ لم يعمل بها أحدٌ غيري ولم يعمل بها أحدٌ بعدي لماذا؟ لأنها نُسخت.
وفيه أي: عند الحاكم كان عندي دينارٌ فبعته بعشرة دراهم فكنت كل ما ناجيت النبي - صلى الله عليه وسلم - قدمت بين يدي نجواي درهمًا ثم نُسخت فلم يعمل بها أحدٌ فنزلت: {أَأَشْفَقْتُمْ} الآية.
وروى الترمذي عنه قال: لما نزلت هذه الآية قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما ترى دينارًا». يعني: في تقدير الصدقة. «ما ترى دينارًا» قلت: لا يطيقونه - كثير دينار -. قال: «فنصف دينار». قلت: لا يطيقونه - كثير أيضًا -. قال: «فكم»؟ قلت: شعيرة. قال: «إنك لزهيد». فنزلت: {أَأَشْفَقْتُمْ} قال علي: فخُفف عن هذه الأمة بي، فبي خفف عن هذه الأمة، لأنه قال ماذا؟ لا يطيقون الدينار ولا نصف الدينار ما بقي شيء، ما بقي إلا الشعيرة «إنك لزهيد». إذًا دعوى من قال: بأنه لم يعمل بها أحد. نقول: هذه دعوى ساقطة لصحة ماذا؟ النص عن علي رضي الله تعالى عنه: بأنه عَمِلَ فقط بهذه الآية (وما عَملَ به واحدٌ) إذًا هذا مثالٌ صالحٌ. (كآيَةِ النَّجْوَى وهي التي (الذي لَمْ يَعْمَلِ مِنهُمْ) من الصحابة (لَمْ يَعْمَلِ) الكسر هذا للروي، والسكون يكون مقدرًا (لَمْ يَعْمَلِ مِنهُمْ) من الصحابة (بِها) أي: بهذه الآية (مُذْ نَزَلَتْ) يعني: إلى أن نزلت (مُذْ)
وَمُذْ وَمُنْذُ اسْمَانِ حَيْثُ رَفَعَا أَوْ أُولِيا الْفِعْلَ كَجِئْتُ مُذْ دَعَا