(هُوَ الَّلذْ أُوِّلا) بالبناء للمجهول أو مغير الصغية والألف للإطلاق، هذا المثال فاسد، لو أردنا مثالاً صحيحًا ماذا نقول؟ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ} [المائدة: 6] هذا مثل له بالظاهر ومثل له هناك في الذي يُطرح إلى المعنى المرجوح بأدنى دليل، ذكرناه في القواعد قال: الظاهر بعضه يحتاج إلى دليل قولي، وبعضه يحتاج إلى دليل متوسط، وبعضه يحتاج إلى أدنى دليل. ومثلنا فيما سبق لأدنى دليل لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ}. لأن ظاهر النص إذا قمتم يعني: إذا وقفت تريد أن تكبر {فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} لكن نقول هنا مؤول بماذا؟ إذا أردتم لا بد من التقدير {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ} [النحل: 98] قرأت انتهيت تستعذ أو شرعتَ؟ شرعت، إذًا قد يؤول الفعل الماضي للإرادة وقد يؤول بالشروع.
النوع الثامن: المفهوم
المفهوم والمنطوق هذا الأصل. المفهوم والمنطوق هما متقابلان، المفهوم اسم مفعول من فهم وهو إدراك معنى الكلام فما يستفاد من اللفظ فهو مفهوم، والمنطوق اسم مفعول من نطق والمراد به في اللغة الملفوظ به.
المفهوم حقيقة ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق لأن الأحكام الشرعية إما أن تؤخذ من المنطوق وإما أن تأخذ من المفهوم، والمنطوق هو ما دل عليه اللفظ في محل النطق يعني في محل اللفظ، وما فهم منه في محل مَحل السكوت يسمى مفهومًا {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] نقول: هذه الآية دلت على تحريم التأفيف من جهة ماذا من جهة المنطوق لماذا؟ لأن ضابط المنطوق ما دل عليه أو ما دل على الحكم في محل النطق، والذي نطق به هو قوله: {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ} هذا منطوقٌ به إذًا تحريم التأفيف مأخوذٌ من المنطوق، تحريم الضرب؟ من المفهوم، ما دليله؟ {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ} هل لفظ جاء فيه تحريم الضرب؟
لم يأت فيه تحريم الضرب، وإنما أخذنا هذا الحكم من اللفظ لا في محل النطق بل في محل السكوت.
(النوع الثامن: المفهوم) وهو ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق، وخلافه المنطوق ما دل عليه في محل النطق ولم يذكره لأنه الأصل.
المفهوم قسمان:
مفهوم موافقة.
ومفهوم مخالفة.
قال رحمه الله: (مُوافِقٌ مَنْطُوقَهُ كأُفِّ). (مُوافِقٌ) يعني: مفهوم دل عليه اللفظ لكن محل النطق (مُوافِقٌ مَنْطُوقَهُ) موافق هذا خبر مبتدأ محذوف هو موافق فهو موافق والتنوين ولذلك نص موافقٌ هو أي: المنطوق. (مَنْطُوقَهُ) بالنصب على أنه مفعولٌ به لموافق، وهو ما يوافق حكمه المنطوق، وافق حكمه المنطوق هنا {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ} الحكم ما هو؟
التحريم، مفهومه تحريمُ الضرب والقتل من باب أولى وأحرى فحينئذٍ استوى التأفيف الذي دُلَّ عليه بالمنطوق، والضرب الذي دل عليه المفهوم استوى في ماذا في الحكم وهو التحريم، إذًا وافقه أو لا؟