ومنها الاشتراك في الحرف {فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ} [المائدة: 6] منه، يحتمل أنه للابتداء ويحتمل أنها للتبعيض حصل الاشتراك في ماذا؟ في اللفظ فلفظ {مِّنْهُ} متردد بين أن تكون لابتداء الغاية وبين أن تكون للتبعيض.

كذلك الواو في قوله تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ} [آل عمران: 7]. {وَالرَّاسِخُونَ} هل هي للابتداء الاستئناف أم عاطفة فيه خلاف وينبني عليه خلاف في المعنى، محتمل العطف والابتداء.

ومنه الحذف {وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] {وَتَرْغَبُونَ} الرغب يتعدى بفي ويتعدى بعن، رغبت عنه صرفته عنه، رغبت فيه أقبلت، وهنا حذف فوقع إجمال، ترغبون عن أن تنكحوهن أو ترغبون في نكاحهن هذا حصل فيه إجمال.

ومنها التصريف في اللفظ، صرف يعني، نحو المختار وذكرنا مثال في القرآن {وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ} [البقرة: 282] وذكرناه في قواعد الأصول.

حكم المجمل: يجب التوقف فيه - لو ورد في القرآن - يجب التوقف فيه، فلا يجوز العمل به حتى يرد الدليل الخارج المعين للمراد. يعني: الأصل التوقف حتى يرد الدليل المعين للمراد ولكنه دليل خارجي.

هل يجوز إبقاء اللفظ المجمل على إجماله بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - أو لا؟ هل يجوز أو لا؟ فيه مزاعم، هي ثلاثة أقوال، أصحها: لا يجوز إبقاء المكلف بالعمل به ويجوز إبقاء غيره، يعني التفصيل، إن كان المجمل متعلقًا بحكم تكليفي لا يجوز أن يبقى مجملاً وإن لم يكن متعلقًا بحكم تكليفي فيجوز أن يبقى مجملاً، وهذا هو الصواب لماذا؟

لأن ما تعلق به حكم تكليفي حينئذ يجب البيان ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة فكيف تنزل الآية وفيها لفظ مجمل والناس مطالبون بامتثال هذا الأمر أو ما دل عليه اللفظ المجمل ثم يموت النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يبينه هذا بعيد لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة هذا لا يجوز بالإجماع.

والثاني: يجوز بقاؤه - الذي لا يتعلق به تكليف - مجملاً لعدم وجود الضرورة إلى بيانه.

القول الثاني: لا يجوز بقاء المجمل بدون بيان مطلقًا وهو مذهب كثير من العلماء لقوله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} ... [النحل: 44]. {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ} وفيه المجمل {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ} إذًا هو مأمور بالبيان، هذه وظيفة النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا لم يبين المجمل قالوا: لم تحصل لكنه هناك فائدة في المجمل ولذلك اختلفوا {الم} هذه ما المراد بها؟ فيه خلاف طويل عريض هل بينت؟ ما بينت كلٍّ يقول باجتهاده نقول: مات النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يبين المراد به وهو في غير الأحكام الشرعية ولا بأس ويحصل به الابتلاء في الإيمان والتسليم.

المذهب الثالث والأخير: يجوز بقاؤه مجملاً مطلقًا لعدم ترتب المحال عقلاً فكان جائزًا وهذا ضعيف.

قال رحمه الله تعالى:

النوع السادس: المُجْمَلُ

مَا لَمْ يَكُنْ بِوَاضحِ الدَّلالَةِ ... كالقُرْءِ إِذْ بَيَانُهُ بالسُّنةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015