لأن الأصح أن المشترك إذا دل على معاني متعددة ولم يكن بينها تنافي حمل على الجميع. وحكى شيخ الإسلام ابن تيمية أن هذا مذهب الأئمة الأربعة وهذا قرره الشافعي في كتاب ((الرسالة)) أنه يحمل على كل المعاني، أما إذا لم يكن أو كان بينها تنافي حينئذٍ يستحيل أن يحمل على كِلا المعنيين، إذًا ما لم تضح دلالته على معناه، إذا فما اتضحت دلالته على معناه هذا هو المبين، قد يكون نصًا، وقد يكون ماذا؟ ظاهرًا وقد يكون مؤولاً بالدليل فصار متضحًا. يعني: يحتمل معنيين هو في أحدهما أرجح لكنه رُجح أو قُدم المعنى المرجوح بدليل صحيح وهذا يسمى ماذا؟ يسمى مؤولاً بالدليل، هل معناه متضح؟ نقول: نعم، النص معناه متضح الظاهر معناه متضح بقي ماذا؟ المجمل، وعرفه في مختصر التحرير بقوله: ما تردد بين مُحْتَمِلَيْنِ فأكثر على السواء. وهذا أحسن ما تردد ما يعني: لفظ. تردد بين مُحْتَمِلَيْنِ، إذًا ما دل على معنى واحد نص، فلذلك أخرج النص فله محمل، فأكثر بالمعنيين على السواء أخرج ماذا؟ الظاهر، لماذا؟ لأنه وإن دل على معنيين إلا إنه في أحدهما أظهر من الآخر وأخرج الحقيقة التي لها مجاز لأنها اللفظ الأسد مثلاً يدل على معنيين أليس كذلك؟ يدل على الحيوان المفترس ويدل على الرجل الشجاع موضوع وضعًا شخصيًّا بالأول وموضوع وضعًا نوعيًّا بالثاني.

المجمل هل هو واقع في القرآن أم لا؟ نقول: نعم مذهب جماهير أهل العلم أن المجمل واقع في القرآن، ولذلك ذكره هنا على أنه نوع من أنواع علوم القرآن، المجمل واقع في القرآن خلاف لداود الظاهري فإنه منعه قيل: مطلقًا. وقيل: منعه يعني منع وقوعه إن لم يكن مبينًا لا مطلقًا، إن كان مبينًا قال: يجوز وقوعه في القرآن. وإن لم يكن مبينًا قال: لا يجوز وقوعه في القرآن. إذًا فيه تفصيل، ولكن أكثر أهل العلم بل الجماهير أنه واقع في القرآن.

أسباب الإجمال، ما السبب الذي يؤدي إلى عدم ظهور المعنى أو تردد اللفظ بين معنيين على السواء؟

منها الاشتراك الذي ذكرناه في السابق لكن مع عدم إمكان الجمع بين المعاني منها المشترك أو الاشتراك نحو {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ} [التكوير: 17]، عسعس قلنا: هذا لفظ مشترك وهو فعل يُطلق على معنيين متضادين أدبر وأقبل، أقبل وأدبر، هل يمكن حمل اللفظ على معنيين؟

الجواب: لا. فإنه موضوع لأقبل وأدبر كذلك القرء موضوع للطهر والحيض والشفق كذلك متردد بين البياض والحمرة إذًا الاشتراك من أسباب ماذا؟ من أسباب وقوع اللفظ في الإجمال أو الوقوع في الإجمال، ومنها الاشتراك في اللفظ المركب، ذاك في المفرد وهذا في اللفظ المركب نحو {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: 237] هذا يحتمل ماذا؟ {يَعْفُوَ} من الذي يعفو الزوج أم الولي؟ يحتمل حصل هنا الاشتراك بالتركيب لأنه فاعل، ولا فاعل إلا مع فعله إذًا حصل بماذا؟ بالتركيب {أَوْ يَعْفُوَ} يحتمل الزوج وهو رأي أبا حنيفة والشافعي وأحمد في رواية، أو الولي وهو رأي الإمام مالك رحمه الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015