لأنه انتهك عرضه من البداية، فإذا كان كذلك قالوا: يجوز أن يرد خبر الواحد فيخصص أما الذي لم يرد عليه تخصيص فلا يجوز. وهذا مذهب كثير من الحنفية التفصيل بين ما خص بقطعي عام في القرآن خص بقطعي يعني: بسنة متواترة. وبين ما خص بظني، فإن خص بقطعي فجاء الظني مخصصًا جاز وإن لم يخص مطلقًا وهو المحفوظ حينئذٍ لا يجوز أن يخص بخبر الواحد وكلها وحي فعلام التفرقة.
الثالث: التفصيل بين المخصص بالمتصل وبين المخصص بالمنفصل، فما لم يخص أو خص بمتصل فلا يخصصه خبر الواحد، وما خص بمنفصل صح. يعني: مثل الأول لكن بالنظر إلى المخصص هل هو متصل أو لا، فما لم يخص أو خص بمتصل يعني: جاء القرآن لفظ عام وجاء مخصص متصل بالقرآن فيجوز حينئذٍ أن يرد المخصص بخبر الواحد لقوله تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ} [آل عمران: 97]. الناس هذا عام جاء تخصيصه في القرآن بمتصل مثل هذا يصح أن يرد خبر الواحد مخصصًا له وما عداه فلا إن خُصَّ بمنفصل فلا {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} لا يصح أن يخصص بخبر الواحد لماذا؟
لأنه لم يخص بمتصل بل خص بمنفصل.
الرابع: يُعمل بما عدا الفرد الذي دل عليه الخاص، أما هو فإنه قد تعارض فنتوقف حتى يرد دليل يرجح أحدهما على الآخر، وهذا منسوب للباقلاني يعني يقول: إذا جاء لفظ عام في القرآن وجاء مخصصه في السنة الآحادية ما دل عليه السنة الآحادية لا نُجْرِي عليه حكم العام مثل لو مثلنا بالحديث «لا يرث القاتل» {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ} [النساء: 11] هذا يدل على أن القاتل يرث أليس كذلك؟ قوله: «لا يرث القاتل». هذا خبر واحد يدل على أن القاتل لا يرث يقول: نجري في غير قاتل الحكم على ما هو عليه، وأما القاتل فقد تعارض النصان هذا قال: يرث. وهذا قال: لا يرث. نحتاج إلى مرجح خارج فنتوقف، وهذا منسوب إلى الباقلاني المراد من قوله: (فلا تَمِلْ لِقَولِ مَنْ قَدْ مَنَعَا). أن المانعين على أربعة مذاهب ولذلك يقال: في المسألة خمسة مذاهب:
الأول: الحق أنه جائز مطلقًا. وبكون خبر الواحد لا يفيد إلا الظن مطلقًا بدون تفصيل هذا محل نظر وليس بسديد.
قال:
آحَادُهَا وغَيْرُها سَواءُ ... فَبِالْعَرَايَا خُصَّتِ الرِّبَاءُ