والعام الذي أريد به الخصوص لم يقصد فيه إلا بعض الأفراد، وبعضها لم يقصد، لا تناولاً ولا حكمًا، بل المراد به البعض فقط في الاستعمال والحكم معًا، فإذا قلت مثلاً: عليَّ عشرة إلا ثلاثة. عشرة هذا نتوسع في كونها عام - وهي ليس بعام لكن يذكرونه مثال لأن التمثيل به واضح - عشرة نقول: لها أفراد أو لا؟ لها أفراد، إذا أطلقت لفظ العشرة حينئذٍ يستعمل في أو تدل على أفرادها من جهة اللغة ابتداءً فكل فرد من أفراد العشرة هو داخل فيها إذا قيل له: عليَّ عشرة وسكت. كم يكون الأفراد عشرة كل الأفراد من واحد إلى عشرة، لكن لو قال له عليَّ عشرة إلا ثلاثة نقول: ننظر إلى لفظ العشرة هل أريد به لفظ العشرة كله هل يشمله من جهة اللغة - دعك من الحكم - من جهة اللغة هل يشمل كل أفراد العشرة نقول: نعم. إذًا هو يشمل كل الأفراد استعمالاً من جهة الاستعمال اللغوي لماذا؟ بدليل أنه استثنى منه وقوله: إلا ثلاثةً. هذا يدل على أن الثلاثة التي يضعه العشرة غير مرادًا بالحكم مع كونها مراده بالاستعمال، فاللفظ يشملها من جهة الاستعمال ولا يشملها من جهة الحكم، ولذلك نقول بعبارة مختصرة: العام المخصوص ما يقصد فيه جميع الأفراد استعمالاً لا حكمًا. - أحفظ هذه استعمالاً لا حكمًا - يعني: من جهة الاعتراف لم يُرَد به لو أقر على نفسه هذا حكم شرعي له عليَّ عشرة إلا ثلاثة يعني كم؟ سبعة إذًا اعترف بسبعة، يعني السبعة ليست هي كل العشرة أين ذهبت الثلاثة استثناها ليست بمرادة، ليست بمرادة استعمالاً أم حكمًا؟
حكمًا لا استعمالاً لأن اللفظ يشملها، فالذي أريد به الخصوص لم يرد شموله لجميع الأفراد فإذا قال كما ذكرناه في الآية {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} [آل عمران: 173] نقول: ابتداءً في أول الكلام أُطْلِقَ اللفظ ولم يُرد به كل الأفراد وإنما أريد به الواحد وهو نعيم بن مسعود فقط، فحينئذٍ نقول: هل شمل الأفراد استعمالاً؟
لا، وإنما أطلق وأريد به بعض الأفراد والبعض الآخر غير مراد لا استعمالاً ولا حكمًا. إذًا نحفظ كلمة استعمالاً لا حكمًا. [أرى الوجوه ما كأنها المسألة واضحة].
سنقول: اللفظ عام له أفراد في باب العام المخصوص نقول: الأفراد مرادة استعمالاً لا حكمًا.
في باب العام الذي أريد به الخصوص كل الأفراد غير مرادة لا استعمالاً ولا حكمًا بل أريد بعضها وبعضها لم يرد، لو تأملت الآية {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} الناس هنا ابتداءً استُعمل في نعيم بن مسعود ولم يقصد به كل الناس قالوا ثم بعد ذلك وصل إلى نُعيم بن مسعود يعني بعد التخصيصات، نقول: لا، ابتداءً استعمل في هذا، فحينئذٍ لم يُرَدّ كل الأفراد لا استعمالاً ولا حكمًا، فالذي أريد به الخصوص لم يُرد شموله لجميع الأفراد لا من جهة تناول اللفظ ولا من جهة الحكم، بل هو ذو أفراد استعمل في فرد منها، ولذلك قيل: هو مجاز. ولذلك قال: (والثاني اعز للمجاز جزما). يعني: أنه من باب إطلاق الكل وأريد به البعض، أُطْلِقَ الكل وأريد به البعض، وهذا هو المجاز.
والمخصوص أريد عمومه وشموله لجميع الأفراد من جهة تناول اللفظ لا من جهة الحكم هذا هو الفرق الأول ما هو؟