استعير السلخ من سلخ الشاه لكشف الضوء عن مكان الليل والجامع كما قيل ما يعقل من ترتب أمر على آخر وحصوله عقب حصوله وإذا أردنا التفصيل نقول: شبه إزالة ضوء النهار وإذهابه بسلخ الجلد عن الشاه، ما هو المشبه هنا؟ إزالة ضوء النهار إذا جاء الليل أزال ماذا؟ ضوء النهار، إذا دخل الليل أزال ضوء النهار أليس كذلك؟ ما هو المشبه هنا؟ المشبه إزالة ضوء النهار، شُبِّهَ بماذا؟ بسلخ الجلد عن الشاه، بجامع ماذا؟ بجامع ظهور شيءٍ كان مستترًا في كلٍّ منهما، فاللحم مستتر تحت الجلد أليس كذلك؟ وظهور الظلمة بعد ذهاب الضوء، وظهور اللحم بعد ذهاب الجلد وظهور الظلمة بعد ماذا؟ إذا أزيل النهار ما الذي يظهر وينكشف؟ الظلمة إذًا انكشفت الظلمة كما أن السلخ يكشف ماذا؟ يكشف اللحم، إذًا بجامع ظهور شيء كان مستترًا في كل منهما، وهو: ظهور الظلمة بعد ماذا؟ بعد ذهاب الضوء، وظهور اللحم بعد ذهاب الجلد، واستعير لفظ المشبه به وهو السلخ للمشبه واشتق منه الفعل، إذًا أجريت أولاً في المصدر، ثم انتقل إلى الفعل بمعنى نزيل على طريق الاستعارة التبعية، على كلٍّ يجري هذا المثال كما ذكرناه في السابق {وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ}، {اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} فاستعير السلخ من سلخ الشاة لكشف الضوء عن مكان الليل والجامع ما يعقل من ترتب كل منهما على الآخر.
(فِي مُهْتَدٍ وضَدِّهِ كَمِثْلِ هَذَيْنِ مَا) أي: تشبيه الذي جاء (كَسَلْخِ اللَّيْلِ) كمجيء سلخ الليل.
النوع السابع من العقد الرابع فيما يرجع إلى الألفاظ (التَّشبِيهُ)، تفعيل شَبَّهَ يُشَبِّهُ تَشْبِيهًا، والتَّشْبِيه في اللغة التمثيل كمثل مثلاً، مَثَّلَ كذا بكذا والتشبيه هو عينه التمثيل كما ذكره غير واحد من أهل اللغة.
النوع السابع: التشبيه. الغرض منه من التشبيه فهمنا بعض ما يتعلق بالتشبيه بالاستعارة الغرض منه تأنيس النفسي بإخراجها من خَفِيٍّ إلى جَلِيٍّ، زيد كالأسد ما يعرف أن زيد شجاع أو لا فأمره خفي فإذا قلت: زيد كالأسد. حينئذٍ تجلى لك شجاعة زيد، وإدنائه البعيد من القريب ليفيد بيان، وقيل: الغرض منه الكشف عن المعنى المقصود مع الاختصار وهذا عام ليس بالتشبيه فقط، لأنه بدل من أن يقول: أنا أعتقد أن زيدًا فيه من الشجاعة مثل شجاعة أسد، فيكون زيد كالأسد وقع اختصار، بدل من الجملة الطويلة يأتي بهذه الكاف فيدل على ماذا؟ على التشبيه، لكن هذا ليس هذا خاصًا بالتشبيه، بل الاستعارة فيها اختصار أيضًا.
حدَّهُ عندهم: ما دل على اشتراك أمر لأمر في معنى بينهما. ما دل على اشتراك أمرٍ الأمر الأول يُسمى مُشَبَّهًا لأمرٍ يُسَمَّى مُشَبَّهًا به في معنى بينهما يُسَمَّى وجه الشَّبَهِ، بقي عليه الأداة، وهذا منسوب للسكاكي.
قال رحمه الله:
وَما عَلَى اشتِرَاكِ أَمْرٍ دَلاَّ ... مَعْ غَيْرِهِ التَّشْبِيهُ حيثُ حَلاَّ
والشَّرْطُ هَهُنا اقْتِرانُهُ مَعَا ... أَدَاتِهِ وهُوَ كَثِيْرًا وَقَعَا