تجعل الضلال والكفر هو عين الموت وأنه فرد من أفراده ليس فيه كالانفصال ولا شك في هذا. إذًا الضلال مشبه والموت مشبه به وادُّعي أن الضلال فرد من أفراد الموت، والثاني الذي هو تشبيه الهداية بالحياة أو الإحياء شُبِّهَتْ الهداية بمعنى الإيصال إلى المطلوب بمعنى الإحياء، الهداية كالحياة أو كالإحياء إلى ماذا؟ بجامع الحصول للانتفاع والوصول إلى المطالب العلية، الحياة مُوصِلة والهداية مُوصِلة هذا هو الجامع بينهما، فصار التشبيه من معنى المصدرين الهداية والإحياء إلى ما في ضمنهما من معنى الفعلين وحذف لفظ المشبه واستعير اسم المشبه به له ثم اشتق من الإحياء أحييناه بمعنى هديناه على طريق الاستعارة التصريحية التبعية، كأنه قال: الهداية كالإحياء. الهداية مشبه والإحياء مشبه به حُذف المشبه وهو: الهداية، واستعير اللفظ الإحياء للدلالة على المحذوف وهو الهداية ولكن هنا أصلاً استعارة حصلت في المصدرين لماذا ولا ندَّعي هذا في الأول؟
لأن الأول ذكره باسمه {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ} ومعلوم أن الميت هذا اسم وليس بفرع وأحييناه هذا ليس باسم وإنما هو فرع وهو فعل حينئذٍ نجري الاستعارة في المصدر الأصل ثم نشتق من المصدر فعل ثم نشتق من المصدر فعلاً ولذلك نفرق بين النوعين، فنقول: هنا صار التشبيه من معنى المصدرين الهداية والإحياء إلى ما في ضمنهما، ما هو الذي في ضمن المصدر؟ الفعلان من معنى الفعلين وحذف لفظ المشبه واستعير اسم المشبه به له، ثم اشتق منه من الإحياء {فَأَحْيَيْنَاهُ} وهذه تسمى استعارة ماذا؟ تصريحيه تبعية لأنها أجريت أولاً في المصدر ثم في الفعل، أولاً أجري في المصدر ثم في الفعل، (وذَاكَ) أي: التشبيه المذكور (كالمَوْتِ وكالحَيَاةِ) المذكورين في قوله تعالى: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ}.
(فِيْ مُهْتَدٍ) يعني: كالموت المستعار للضلال في ضد المهتدي، لأنه قال: في مهتد وضده ما هو ضد المهتدي الضال وإذا أردنا الهداية أصلها الكافر لأن الهداية تامة هذه تكون بماذا؟ بالإيمان أو الإسلام ثم ما يكمله، وإذا أردنا أصل الهداية فهي الإسلام (فِيْ مُهْتَدٍ) إلى الإسلام أو لتمام الطاعة وضده وهو الكافر أو الضال.
(كَمِثْلِ هَذَيْنِ مَا جَاءَ كَسَلْخِ اللَّيْلِ) يعني مثل هذين ماذا؟ التشبيهين ... (كالمَوْتِ وكالحَيَاةِ فِيْ مُهْتَدٍ وضَدِّهِ) ما أي تشبيه الذي جاء كمجيء (سَلْخِ اللَّيْلِ) في قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} [يس: 37]. الله أكبر {وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} هنا حصل ماذا؟