نشأت عن القرآن لولا وجود القرآن لما وجدت هذه العلوم، إذًا توقفها عليه توقف الشيء على شرطه أو حقيقته أو ماهيته بحيث ينتفي العلم بانتفاء القرآن، وبعضها لا، يكون مشتركًا بينه وبين غيره كما هو الشأن في مبحث السند هذه يشترك في أرباب علوم الحديث ويشترك فيه أيضًا من حيث الجملة أرباب علوم القرآن فهو قدرٌ مشترك بين الطائفتين، وبعضه يشترك مع أهل الأصول كالناسخ والمنسوخ، وما خص به من السنة وما خصصت السنة به، وبعضه يشترك مع أرباب اللغة كالمجاز، والاستعارة، والمعرب، والمترادف، والمشترك. نقول: هذه أبحاث مشتركة من حيث كونه نصًا شرعيًا فاشترك مع علوم الحديث في ماذا؟ في الشاذ والمتواتر أو نقول في الجملة: من حيث السند، وبعض الأبحاث مشتركة بين الحديث والسنة مثل ماذا؟ وجود المترادف، ووجود المجاز، والاستعارة، والتشبيه ونحو ذلك والعام المخصوص والعام الذي خصص على عمومه والعام الذي أريد به الخصوص هذه مشتركة بين القرآن وبين السنة، يعني لا ينفك القرآن عن السنة ولا السنة عن القرآن. ولذلك سبق معنا في قواعد الأصول إن المصنف جمع بينهما في موضعٍ واحد كذلك المجاز ونحوه والاستعارة والتشبيه، هذا من حيث ماذا؟ من حيث كونه نصًا شرعيًا وقد يبحث في علوم القرآن من حيث كونه نصًا عربي كالإعراب، والصرف، إعراب القرآن، إعراب مشكل القرآن، تصريف القرآن كما ألف فيه المعاصرين أو بلاغة القرآن. نقول: هذه علمٌ من علوم القرآن يتعلق بالقرآن من حيث ماذا؟ من حيث كونه نصًا شرعيًا مشاركًا للسنة أو من حيث كونه نصًا عربيًا؟
الثاني لأنه ينظر فيه من حيث القواعد العربية، فما قعده أهل العربية من قواعد النحو حينئذٍ ينزل على القرآن مثلاً، فيعرب القرآن إعراب مشكل القرآن أو إعراب القرآن كله نقول: هذا علمٌ من علوم القرآن لكنه يشترك مع غيره في كونه نصًا عربيًا لأنك قد تأخذ مثلاً قصيدة من المعلقات السبع فتعربها هذا إعراب المعلقات أو لا؟ إعراب المعلقات. نص عربي أو لا؟ نقول: نصٌ عربي. قد تأخذ سورة الفاتحة وتعربها عربتها من أي حيثية من حيث كونها نصًا عربيًا.
إذًا هنا لا غرابة في كون أرباب علوم القرآن يجعلون من أنواع علوم القرآن المتواتر، والآحاد، والشاذ. فجعلوا الشاذ قسيمًا للآحاد وله اصطلاحٌ خاص عندهم حينئذٍ انفردوا ببعض ما أطلقه أرباب علوم الحديث.
(المتواتر، والآحاد، والشاذّ) ما المراد بالمتواتر، وما المراد بالآحاد، وما المراد بالشاذّ قال رحمه الله:
والسَّبْعَةُ القُرَّاءُ مَا قَدْ نَقَلُوا ... فَمُتَواتِرٌ ولَيْسَ يُعْمَلُ
بِغَيْرِهِ في الحُكْمِ مَا لَمْ يَجْرِ ... مَجْرَى التَّفاسِيْرِ، وإِلاَّ فَادْرِ
قَوْلَيْنِ إِنْ عَارَضَهُ المَرْفُوعُ ... قَدِّمْهُ ذا القَولُ هُوَ المَسْمُوعُ
والثَّانِيُ الآَحَادُ كالثَّلاثِةِ ... تَتْبَعُها قِرَاءَةُ الصَّحابَة
والثَّالِثُ الشَّاذُ الَّذي لَمْ يَشْتَهِرْ ... مِمَّا قَرَاهُ التَّابِعُونَ واسْتُطِرْ
ولَيْسَ يُقْرَأُ بِغَيْرِ الأَوَّلِ ... وَصِحَّةُ الإِسْنَادِ شَرْطٌ يَنْجَلِيْ
لَهُ كَشُهْرَةِ الرِّجَالِ الضَّبْطِ ... وِفَاقُ لَفْظِ العَرَبِيْ والخَطِّ