هذا من ضوابط الْمَدَنِيِّ فإذا اختلف السلف في الحكم على السورة أو الآية بأنها مَكِّيَّة أو مَدَنِيَّة حينئذٍ ننظر إلى مثل هذه الضوابط وخاصة في الموضوعات عرفنا هذا.
ثم قال: (النَّوعُ الثالثُ والرابعُ: الحَضَرِيُّ والسَّفَرِيُّ من آي القرآن)
وعرفنا الفوائد المترتبة على الْمَكِّيِّ والْمَدَنِيِّ وأهمها معرفة الناسخ والمنسوخ ولذلك لا يحل لأحد أن يُقدم على تفسير كلام الله عز وجل إلا بعد معرفة هذا النوع الْمَكِّيّ والْمَدَنِيّ.
النوع الثالث والرابع من العقد الأول وهو اثنا عشر نوعًا: الْحَضَرِيّ والسَّفَرِيّ من آي القرآن. وما سيذكره الآن من العقود هذه لا ينبني عليها من الفائدة وإن كان لها أهمية من حيث تعلقها بالقرآن لا شك بذلك لكن لا ينبني عليها أحكام كما هو في شأن الْمَكِّيِّ والْمَدَنِيِّ، لا شك أن الْمَكِّيَّ والْمَدَنِيَّ ينبني عليه أحكام من جهة التحريم ونسخ إلى آخره وأما الحضري والسفري والصيفي والشتائي والنهاري والليلي والفراشي والنومي هذه من قبيل العلم فقط، من قبيل العلم بالآيات فقط أما هل يترتب عليها حكم شرعي أو لا؟
نقول: لا يترتب عليها شيء من ذلك.
(الحَضَرِيُّ) هذا نسبة إلى حضر والمراد به الإقامة لأن الإنسان إما أنه مقيم أو مسافر أما مستوطن هذا لا وجود له وإن ذكره كثير من الفقهاء إما مقيم وإما مسافر وزاد الفقهاء مستوطن وهو الذي يرد إلى بلد لم يقصد أنه يقيم يجعله بلده الخاص كما كان الأول يعني يستقيم من الأول وينتقل إلى الثاني حينئذٍ نقول: لا هذا يسمى مستوطنًا هذا عند الفقهاء ورتبوا عليه أحكام من حيث القصر والجمعة .. إلى آخره لكن الصحيح أنه لا وجود وإنما هو إما مقيم وإما مسافر، فالحضري هذا نسبة إلى الحضر الياء هذه ياء النسبة وهو ما نزل في الحضر يعني: في حالة إقامة النبي - صلى الله عليه وسلم -. وإقامة النبي - صلى الله عليه وسلم - قد تكون في مكة وقد تكون في المدينة إذًا هل لهذا النوع ارتباط بالْمَكِّيِّ والْمَدَنِيِّ؟
قد يكون له ارتباط فما نزل في المدينة وهو مقيم في الْمَدِينَةِ عليه الصلاة والسلام بعد أن انتقل لأنه أقام في المدينة ترك مكة وأقام في المدينة نقول: هذا حضري ومدني، وما نزل في مكة قبل الهجرة فنقول: هذا مَكِّيّ حضري. لأنه كان مقيم قبل الهجرة حينئذٍ قد يجتمعان، قد يكون ارتباط بين الحضري والْمَكِّيِّ والْمَدَنِيِّ.
(والسَّفَرِيُّ) هذا نسبة إلى السفر مأخوذ من الإسفار وهو: البروز والظهور. ومنه: أسفر الصبح إذا أظهر الأشياء. ومنه: السفور. النساء إذا تبرجت أظهرت محاسنها وقيل: سُمِّيَ السفر سفرًا لأنه يسفر عن أخلاق الرجال إذا أردت أن تجرب وتختبر صاحبك خذه في رحلة.
(والسَّفَرِيُّ) هذا نسبة إلى السفر، إذًا ما نزل في السفر في حال ليست حال الإقامة يسمى: سفرًا. حينئذٍ نقول: هذا يسمى بالسفري وهل يجتمع مع الْمَكِّيِّ والْمَدَنِيِّ نقول: نعم الشأن شأن الأول. إذًا النوعان الحضري والسفري قد يجتمعان مع الْمَكِّيِّ والْمَدَنِيِّ فيكون مدنيًّا حضريًّا ومدنيًّا سفريًّا، ومكي حضري ومكي سفري ممكن أو لا؟ نعم من آي القرآن قال رحمه الله: