إذًا عرفنا الآن ما ذكره الناظم وهو تسعٌ وعشرون سورة هذه حُكِمَ عليها بأنها مَدَنِيَّة، والخلاف والأدلة تجدونه مذكورًا في ((التحبير)) و ((الإتقان)) ونحو ذلك.

وما عَدا هَذا هُوَ الْمَكِيُّ ... على الَّذي صَحَّ بهِ المَرْوِيّ

أيهما أقل الْمَكِّيّ أم الْمَدَنِيّ، الْمَدَنِيّ لأنهم تسعٌ وعشرون بقي خمسٌ وثمانون وأيهما الأولى أن يشرع في تعداد الأقل أو الأكثر؟

الأقل فذكر عدَّد لك الأقل الذي هم تسعٌ وعشرون ثم أحالك على الأكثر وهو خمسٌ وثمانون سورة، والمستثنيات هذه موجودة في مواضعها ما من سورة اختلف فيها إلا وذكر أن بعضها ليس داخلاً في مسماها الكلي فيقال سورة كذا مَكِّيَّة إلا آية كذا وكذا، وهذه مَدَنِيَّة إلا آية كذا وكذا هذا تجدونه في و ((الإتقان)) ونحو ذلك، والسيوطي استوفى هذا الكلام كله في ((الإتقان)).

(وما عَدا هَذا) أي المذكور من السور وهو خمسٌ وثمانون سورة (هُوَ الْمَكِيُّ) هو المحكوم عليه بأنه مَكِّيّ سواءً كان اتفاقًا أو على الأرجح وعليه ما ذكره الناظم هنا بأن الفاتحة مَكِّيَّة، رجح بأن الفاتحة مَكِّيَّة وقيل: الرحمن والإنسان والإخلاص والفاتحة من الْمَدَنِيِّ يعني يضاف إلى ما سبق هذه السور الرحمن والإنسان والإخلاص والفاتحة من الْمَدَنِيِّ والأصح أنها مَكِّيَّة والأصح والمرجح عند الجمهور أنها مَكِّيَّة.

وقيل: الفاتحة نزلت مرتين والقول بأنه مَدَنِيَّة فقط أو بأنها نصفين النصف الأول مَكِّيّ والثاني مَدَنِيّ هذا ضعيف، بل قيل: بأن القول بأن الفاتحة مَدَنِيَّة فقط هذا قول مجاهد لا يعرف عن غيره وقيل: هو شاذ ضعيف. ولذلك قال بعضهم: قد تفرد به مجاهد حتى عُدَّ هفوةً منه. هفوة يعني بمعنى زلة.

وقيل: النساء والرعد والحديد والحج والصف والتغابن والقيامة، والمعوذتان مكيات والأصح أنها مدنية (على الَّذي صَحَّ بهِ الْمَرْوِيّ). على القول الذي صح به أي بذلك القول المروي من الأحاديث على النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف نقول المروي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن نقول: الْمَكِّيُّ والْمَدَنِيُّ مرجعه حفظ الصحابة والتابعين المرجع في الحكم ومحل الاستنباط هو الأحاديث محل الاستنباط بأن هذه مَكِّيَّة أو مَدَنِيَّة لا بد أن يثبت قول أو فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فنأخذ منه أن السورة مَكِّيَّة أو مَدَنِيَّة فما صح الأصل صح الاستنباط منه وما ضَعُف الأصل حينئذٍ ضعف الاستنباط منه لأن البعض قد يأتي ويحكم بأن السورة كذا وآية كذا مَكِّيَّة ثم ننظر نستند إلى دليل أثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحاديث فننظر فيه فإذا به ضعيف حينئذٍ ماذا نقول؟ سقط الأصل، فيجب سقوط الفرع هذا هو الأرجح.

(وما عَدا هَذا هُوَ الْمَكِيُّ على الَّذي). يعني على القول (الَّذي صَحَّ بهِ المَرْوِيّ). صح المروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحاديث والآثار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015