(والقلب فعله) أو عمله يَكْمُن (في الانقياد) أي: الإذعان والخضوع (للمنتمى) اسم مفعول من انتمى يَنْتمِي أي انتسب (لسيد العباد) وأشرف المخلوقين محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -. والمقصودُ هو الانقياد لما جاء به هذا النبي الكريم من العقائد الواضحة الجَلية، والشرائع المُنيفة السنية. (فجوهر) ولبُّ (الإسلام في التسليم) ظاهرا وباطنا مع تحقق الرضا وانتفاء الحرج (لـ) سنة (المصطفى) محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولـ (شرعة) أي شريعة (الحكيم) الخبير سبحانه وتعالى. (وتدخل) في أعمال القلوب (التوبة) بشرائطها المعروفة عند العلماء، وهي الإقلاع والعزم والندم، (والإنابة) وهي الرجوع إلى الحق سبحانه وتعالى والفرار إليه لا منه (والحب) أي حب الله عز وجل وحب رسوله - صلى الله عليه وسلم - وحب الإسلام وأهله (والرجاء) في الله عز وجل وفي عظيم ثوابه وواسع رحمته، مع تحقق العمل الصالح وإلا كان أمنيات كاذبة (والمهابة) وهي الخوف من الله عز وجل ومن شديد عقابه وأليم عذابه.

ولما كانت المحبةُ من أعظم أعمال القلوب وأهمها، مع ما دخل معناها وحقيقتها من المفاهيم الباطلة، خصصتُ لها بيتا بينت فيه لازمها ومقتضاها، فقلت: (حب الرسول) - صلى الله عليه وسلم - من طرف العبد المؤمن هو (فعله مطلوبه) أي ما طلبه منه الرسول الأكرم - صلى الله عليه وسلم - من أوامرَ ونواهٍ، إذ (ليس المحب عاصيا محبوبه) أي لا يمكن أن يجتمعَ حب الشخص الآخر مع عصيانه أوامرَه، وذلك على حد قول القائل:

تعصى الإلهَ وأنت تزعم حبه ... ... هذا لعمري في القياس شنيع

لو كان حبُّك صادقا لأطعته ... ... إن المحب لمن يحب مطيع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015