لعل قوله: "مختَصِراً" أو مختَصَراً يكفي عما سقط في بقية النسخ من قوله: "على سبيل الاختصار" مختصَراً أو مختصِراً حال، فمختصراً حال من الفاعل، وهو شيخ الإسلام، الكاتب، أو مختصراً، يعني من المكتوب، فهي حال تبين هيئة الفاعل أو هيئة المفعول، مختصراً مبيناً، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
شيخ الإسلام -رحمه الله- كغيره من أهل العلم كتب في المناسك، بل منهم من كتب أكثر من منسك، ومنهم من كتب منسكاً ثم لما باشر الحج والخبر ليس كالعيان أحرق المنسك الأول، شيخ الإسلام كتب منسكاً، ثم رجع عن كثير من المسائل إلى ما آل إليه أمره من الاجتهاد المطلق، فقد كتب المنسك على سبيل التقليد، والتقليد تشم رائحته مما كتبه على العمدة؛ لأن شرح العمدة في أول الأمر والتقليد فيه ظاهر، يعني عنايته بالمذهب ورواياته والتوجيه وكذا معنى أنه لم تبرز فيه شخصية شيخ الإسلام، كما آل إليه الأمر في آخره، كما هو موجود في الفتاوى مثلاً وفي هذا المنسك.
النووي كتب منسكاً ثم أتلفه وكتب غيره، وغيره كتب ثم لما رأى حقيقة الأمر تغيرت عنده بعض الأحكام، لا لأن الحكم تغير، وإنما نظرته إلى هذه الأحكام تغيرت، ولا شك أن التطبيق، لا شك أن له أثر في التقعيد، فحينما يرى الإنسان أن يترجح له شيء بمرجح هو مجرد استرواح، هو في بلده فلما حج رأى الأمر يختلف تماماً عما مال إليه قبل، يميل إلى القول الآخر، ولا ضير إذا كان كل من القولين له ما يسنده من الدليل.