كل في مكة، لم يكن أحد يخرج على عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، نقول: هذه بدعة؟ المسألة مسألة مفاضلة بين العبادات، وقرر هذا جمع من أهل العلم أنه إذا كان يعوقه هذا ... حتى قال بعضهم: يخرج بضعة أميال ويضيع ما هو أهم من ذلك، دليل على أن المسألة إذا لم يترتب عليها تضييع فإنها مشروعة، والنصوص العامة التي جاءت في الحث من الإكثار من الحج العمرة تتناول هذا ((العمرة إلى العمرة)) مثل الصلوات الخمس، مثل الجمعة إلى الجمعة، مثل رمضان إلى رمضان، كلها كفارات لما بينها.
يقول: "ولا كان هذا من فعل الخلفاء الراشدين، والذين استحبوا الإفراد من الصحابة إنما استحبوا أن يحج في سفرة، ويعتمر في أخرى، ولم يستحبوا أن يحج ويعتمر عقب ذلك عمرة مكية، بل هذا لم يكونوا يفعلونه قط اللهم إلا أن يكون شيئاً نادراً" يعني حفظ عن بعضهم أنه فعل، وأصل فعله حديث عائشة، وقد تنازع السلف في هذا.
نعم يقول: "وقد تنازع السلف في هذا هل يكون متمتعاً عليه دم أم لا؟ " صورة التمتع الذي يجب به الدم أن يأتي بعمرة قبل الحج، يقدم إلى مكة بعمرة، يتحلل منها التحلل التام، ثم يحرمون التروية بالحج، وحينئذ يلزمه الهدي، هدي التمتع؛ لكن إذا حج مفرداً، ثم اعتمر بعده إذا قلنا: أن العلة في هدي التمتع الترفه بترك أحد السفرين، قلنا: حصل هذا ويلزمه الدم، وإذا قلنا: أن هذا لا يشمله صورة التمتع لا العامة ولا الخاصة صورة التمتع الخاصة قلنا: وليس بقارن، وليس بقارن بين النسكين، وليس بمتمتع التمتع الخاص، والدم إنما يلزم القارن والمتمتع، وهذا ليس بمتمتع تمتعاً خاصاً، وليس بقارن فلا يلزمه دم، الذي قال يلزمه دم، قال: أن السبب موجود، وهو إنما سافر مرة واحدة للحج والعمرة معاً، كالمتمتع والقارن.
"وهل تجزئه هذه العمرة عن عمرة الإسلام أم لا؟ " لا شك أن الذي يقول: أن هذه العمرة بدعة يقول: لا تجزئه، والذي يقول: هذه بدعة لا تجزئه، والذي يقول: شرعية يقول: تجزئه، ما المانع؟ وقد أتى بعمرة والحمد لله تامة بأركانها وشروطها وواجباتها، ما الذي يمنع أن تكون هذه عمرة لا سيما وقد أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- عبد الرحمن بن أبي بكر أن يعمر أخته من التنعيم؟.