"ولم يعتمر بعد الحج أحد ممن كان مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا عائشة وحدها؛ لأنها كانت قد حاضت فلم يمكنها الطواف؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت)) فأمرها أن تهل بالحج وتدع أفعال العمرة؛ لأنها كانت متمتعة، ثم إنها طلبت من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يعمرها فأرسلها مع أخيها عبد الرحمن فاعتمرت من التنعيم، والتنعيم هو أقرب الحل إلى مكة، وبه اليوم المساجد التي تسمى (مساجد عائشة)، ولم تكن هذه على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنما بنيت بعد ذلك علامة على المكان الذي أحرمت منه عائشة؟ وليس دخول هذه المساجد ولا الصلاة فيها لمن اجتاز بها محرماً لا فرضاً ولا سنة، بل قصد ذلك واعتقاد أنه يستحب بدعة مكروهة، لكن من خرج من مكة ليعتمر فإنه إذا دخل واحداً منها وصلى فيه لأجل الإحرام فلا بأس بذلك، ولم يكن على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وخلفائه الراشدين أحد يخرج من مكة ليعتمر إلا لعذر، لا في رمضان ولا في غير رمضان، والذين حجوا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس فيهم من اعتمر بعد الحج من مكة إلا عائشة كما ذكر، ولا كان هذا من فعل الخلفاء الراشدين، والذين استحبوا الإفراد من الصحابة إنما استحبوا أن يحج في سفرة، ويعتمر في أخرى، ولم يستحبوا أن يحج ويعتمر عقب ذلك عمرة مكية، بل هذا لم يكونوا يفعلونه قط، اللهم إلا أن يكون شيئاً نادراً، وقد تنازع السلف في هذا هل يكون متمتعاً عليه دم أم لا؟ وهل تجزئه هذه العمرة عن عمرة الإسلام أم لا؟ "

طور بواسطة نورين ميديا © 2015