الملحق الثالث كلام آخر لابن القيم (ت:751) في مسألة البيان النبوي للقرآن

الملحق الثالث

كلام آخر لابن القيم (ت:751) في مسألة البيان النبوي للقرآن:

قال ابن القيم في الصواعق المرسلة (2:636 ـ 639): «وكذلك عامة ألفاظ القرآن نعلم قطعًا مراد الله ورسوله منها، كما نعلم قطعًا أن الرسول بلغها عن الله، فغالب معاني القرآن معلوم أنها مراد الله خبرًا كانت أو طلبًا، بل العلم بمراد الله من كلامه أوضح وأظهر من العلم بمراد كل متكلم من كلامه، لكمال علم المتكلم، وكمال بيانه، وكمال هداه وإرشاده، وكمال تيسيره للقرآن، حفظًا وفهمًا عملاً وتلاوة، فكما بلّغ الرسول ألفاظ القرآن للأمة، بلّغهم معانيه، بل كانت عنايته بتبليغ معانيه أعظم من مجرد تبليغ ألفاظه، ولهذا وصل العلم بمعانيه، إلى من لم يصل إليه حفظ ألفاظه، والنقل لتلك المعاني أشد تواترًا وأقوى اضطرارًا، فإن حفظ المعنى أيسر من حفظ اللفظ، وكثير من الناس يعرف صورة المعنى ويحفظها، ولا يحفظ اللفظ، والذين نقلوا الدين عنه، علموا مراده قطعًا لما تلا عليهم من تلك الألفاظ.

ومعلوم أن المقتضى التام لفهم الكلام الذي بلغهم إياه قائم وهم قادرون على فهمه وهو قادر على إفهامهم، وإذا حصل المقتضى التام لزم وجوده مقتضاه.

وبالجملة فالأدلة السمعية اللفظية قد تكون مبنية على مقدمتين يقينيتين:

إحداهما: أن الناقلين إلينا فهموا مراد المتكلم.

والثانية: أنهم نقلوا إلينا ذلك المراد كما نقلوا اللفظ الدال عليه.

وكلا المقدمتين معلومة بالاضطرار، فإن الذين خاطبهم النبي صلّى الله عليه وسلّم باسم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015