ومن جاء بعدهم فله أن يقول بقول الواحد منهم، لكن اختياره لأحد أقوالهم ليس حجة على القول الثاني، فيسقطه بسبب أنه اختار قول فلان منهم.
وإذا لم يرد التفسير إلا عن الواحد منهم، فالأصل قبوله، ما لم يظهر عليه ما يوجب عدم ذلك، وقوله ـ في مثل هذا الحال ـ مقدَّمٌ على قول من بعده، وعلى هذا المنهج سار إمام المفسرين ابن جرير الطبري (ت:310) حيث يعتمد ـ في بعض الأحيان ـ على قول الواحد من التابعين، بل على قول الواحد من أتباع التابعين، إذا لم يكن في الآية إلا قول الواحد منهم.
والاعتراض على رأيهم لا يخلو من حالين:
الأولى: أن يكون الاعتراض اعتراضًا علميًّا مقنعًا، بحيث يكون مبنيًّا على أصول علميَّةٍ معتبرة، وهذا يجوز الاعتداد به عند الاختلاف، مع ملاحظة أنَّ بعض الاعتراضات ـ مع ما فيها من أسلوب علميٍّ معتبر ـ قد تقصُر عن فهم تفسير السلف، ويقع الاعتراض في غير محلِّه.
الثانية: أن يكون الاعتراضُ مبنيًّا على مذهب غير معتبر، ورأي مخالفٍ لرأيهم، أو أن يكون عن عِلْمٍ ناقصٍ، وذلك ما يصدر من بعض المعاصرين الذين لم يدركوا مرامي كلام السلف، كما يقع لبعض من يتعاطون الإعجاز العلمي، فيقع منهم الاعتراض أو التثريب على السلف.
وإذا كان الاعتراض ممن هذه صفته، فإنه لا يُقبل؛ لأنه لم تكتمل فيه الشروط العلمية للردِّ على الأقوال.
مسألة في كيفية الترجيح بين أقوال التابعين:
الترجيح بين أقوال المفسرين (?) أوسع من الترجيح بين أقوال التابعين،