الحوادث في الله، وهو منَزَّه عن ذلك، ولهذا تجد أن الخلل في كلام الله عندهم قد انجرَّ على مواضع كثيرة في التفسير، فمثلاً يقول في قوله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ} [إبراهيم: 1]: «وقوله: {أَنْزَلْنَاهُ} في موضع الصفة للكتاب، قال القاضي ابن الطيب وأبو المعالي وغيرهما: إن الإنزال لم يتعلق بالكلام القديم الذي هو صفة الذات، لكن بالمعاني التي أفهمها الله جبريل عليه السلام من الكلام» (?). ولا يخفى ما في هذا الكلام من الخلل العقدي ممن هو مطلع على عقائد الأشاعرة في كلام الله، والجدل في هذا محله كتب العقائد، والمراد هنا التمثيل، والله الموفق.
وبالجملة، ففي تفسير ابن عطية الأشعري مواضع كثيرة فيها خلل من جهة الاعتقاد، وقد وقع عنده انحراف في تفسيرها، بل قد يقع عنده مخالفة لظاهر الآية بسبب شبه اعتقادية، أو بسبب مدافعة ما يرد عليه مما يخالف مذهبه، وذلك ظاهر في مثل تفسيره لقوله تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [النمل: 14]، فظاهر الآية أنهم قد استيقنوا بالآيات الدالة على نبوة موسى عليه السلام، وعلموا علمًا يقينيًّا بنبوته، لكنهم جحدوا ذلك، فكفرهم كفر جحود.
أما ابن عطية رحمه الله فلجلج في هذه الآية وشبيهاتها، ومنع وقوع كفر الجحود، لأنه ينافي أصلاً من أصوله، وهو أن المعرفة تقتضي الإيمان، فإذا وُجِدت المعرفة انتفى الكفر، قال: «وظاهر قوله تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} حصولُ الكفرِ عنادًا، وهي مسألةٌ قولينِ (?)، هل يجوز أن يقعَ أم لا؟
فجوَّزت ذلك فرقةٌ، وقالتْ: يجوزُ أن يكونَ الرجلُ عارفًا، إلاَّ أنَّه