مسألة في المراسيل في التفسير:

إن الذي يغلب في مراسيل التفسير مجيئها في أسباب النُّزول، وعبارة شيخ الإسلام في هذه المسألة هنا ظاهرة أن المراد بها أسباب النُّزول؛ لأنها تحكي خبرًا تاريخيًّا مرتبطًا بآية من الآيات.

وما ذكره شيخ الإسلام من تحرير في هذه المسألة مفيد للمفسر الذي يريد تحرير أسانيد أسباب النُّزول، وهو يصلح للنقد التاريخي عمومًا، وقد أشار إلى ذلك بقوله: «وهذا الأصل ينبغي أن يعرف، فإنه أصل نافع في الجزم بكثير من المنقولات في الحديث والتفسير والمغازي، وما ينقل من أقوال الناس وأفعالهم وغير ذلك».

وقد ذكر ضوابط قبول هذه المراسيل، وهي:

1 - أن لا يكون مصدرها مفردًا، بل يكون متعدِّدًا.

2 - أن تخلوَ من المواطأة.

3 - أن يتلقاها العلماء بالقبول.

وهذا القيد مهم معتَبرٌ، وهو قد ذكره عند ذكره لحديث الآحاد، حيث قال: «ولهذا كان جمهور أهل العلم من جميع الطوائف على أن خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول تصديقًا له، أو عملاً به أنه يوجب العلم».

وكذا يمكن القول بأن هذه القيد معتبر في قبول المراسيل التي ترد في التفسير، لكن قد يكون هناك مرتبة أخرى في قبول حكاية النُّزول الذي من قبيل الرأي، وهو أن يتوارد المحققون من المفسرين على ذكره دون اعتراض عليه، فإن هذا قرينةٌ تُشعِرُ بقبوله أيضًا.

4 - أن الاختلاف في التفاصيل الدقيقة لا يؤثر في أصل الخبر، وهذا الاختلاف في التفاصيل لا يرجع إلى الكذب، بل إلى الضبط، وضربَ مثالاً لذلك باختلاف الثمن في قصة بيع جابر بعيره على النبي صلّى الله عليه وسلّم.

وهذه المسألة من نفائس هذه المقدمة التي يحسن بالمعتنين بالتفسير الاستفادة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015