"وتركهم الاقتصار على الأحاديث الصحيحة المشهورة مما نقله الثقات المعروفون بالصدق والأمانة بعد معرفتهم وإقرارهم بألسنتهم أن كثيراً -هم يقرون ويعترفون، أن كتبهم وما يلقونه في قصصهم أن فيه الصحيح والضعيف والحسن، فيه أخلاط من الأحاديث المختلفة المراتب- مما يقذون به إلى الأغبياء -هم أهل الغفلة والجهل الذي لا فطنة لهم، ولا يدركون مثل هذه الأمور إلا الأغبياء- من الناس هو مستنكر، ومنقول عن قوم غير مرضيين -يعني في روايته من هو مقدوح فيه، من هو مجروح، ما لا يثبت مثله أهل الحديث- ممن ذم الرواية عنهم أئمة أهل الحديث، مثل مالك بن أنس، وشعبة بن الحجاج، وسفيان بن عينية ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهم من الأئمة -النقاد، طعنوا في رواية هذه الأحاديث التي ألقى بها من نصب نفسه محدثاً بين العامة- لما سهل -هذا جواب (لولا) فلولا الذين رأينا- علينا الانتصاب لما سألت -يعني إجابة الطلب لتصنيف كتاب يشتمل على الأحاديث الصحيحة، سببه وجود مثل هؤلاء الذين يلقون بالأحاديث الضعيفة ليكون بين يدي الناس أحاديث صحيحة بأسانيد نظيفة.
ولا شك أن هذا من الإمام -رحمة الله عليه- علاج لما يحدث، أو لما حدث في وقته، وعندنا مشاكل كثيرة، تحتاج إلى علاج من المصلحين، وتجدون بعض المصلحين يحاول، فالآن هذا الكتاب علاج للمشكلة التي أوردها، فتجدون بعض العلماء يصنفون كتب، تجدون الساحة بحاجة ماسة إليها، من هذا الباب، أو يطلب منهم أن يؤلفوا تفسير مثلاً يعالج بعض القضايا المعاصرة من خلال كلام الله -جل وعلا-، وهذا مطلب ملح، نعم، تفاسير الأئمة كثيرة ووافية وشافية، وفيها العلم والخير الكثير، لكن هناك مستجدات يحتاج الناس إلى ربط بكتاب الله -جل وعلا- وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، ولذا التبعة على أهل العلم الذين لديهم القدرة والاستطاعة بربط الناس بالوحيين هذا أمر متعين عليهم لا سيما ويشاهد الآن التزهيد بالوحيين، تزهيد الناس بالوحيين وصرفهم إلى أمور لا تنفعهم لا في أمور دينهم ولا دنياهم.