فالحكم في عصر الرواية عن الحكم فيما بعده، وإلقاء الخبر على العامة غير إلقاء الخبر على الخاصة، يعني هذه الكتب التي فيها أنواع الحديث هذه المفترض فيها أنها ألفت في أهل العلم وطلاب العلم، والعالم إذا ذكر الخبر بإسناده فقد برئ من عهدته في عصور الرواية؛ لأنهم يعرفون الرواة عاصروهم وعرفوهم وعرفوا ما قيل فيهم، لكن بعد عصور الرواية في القرون التي تأخرت في الرابع في الخامس في السادس بعد انقضاء عصر الراوية لا بد من البيان إلى أن يأتي الوقت الذي لا يجوز فيه إلقاء الضعيف أو الموضوع إلا مبيناً حكمه مع شرح هذا البيان، يعني لا يكفي أن يصعد الإمام المنبر في أسبوع النظافة مثلاً ويقول: إن الناس يتداولون حديث: (النظافة من الإيمان) وهو حديث موضوع، ما يكفي، العامة ما يدرون أيش معنى موضوع؟ لا بد أن يقول: هذا الكلام كذب، مكذوب على النبي -عليه الصلاة والسلام- بأسلوب يفهمه العامة، لا بد من البيان الشافي الكافي الذي يفهمه المخاطب.
والحافظ العراقي -رحمه الله تعالى- سئل عن حديث فقال: لا أصل له، الحديث مكذوب عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال له شخص من العجم: كيف يا شيخ تقول: هذا مكذوب، وهو مروي في كتب السنة بالأسانيد؟ قال: العهدة عليك، أحضره لنا بالأسانيد في كتاب معتبر ونرجع عن القول، فأحضره من الغد من كتاب الموضوعات لابن الجوزي، يعني تعجب الحاضرون من كونه لا يعرف ما معنى الموضوع، وهذا في القرن الثامن، فكيف بالقرون المتأخرة التي تلوثت الأفكار، ومسخت كثير من الفطر، والاصطلاحات قلبت، والموازين غيرت، فلا بد من البيان المناسب للمخاطب، بحيث لا يبقى في ذهنه أدنى لبس.