ودلت السنة على نفي رواية المنكر من الأخبار كنحو دلالة القرآن على نفي خبر الفاسق، وهو الأثر المشهور عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين)) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع عن شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن سمرة بن جندب، ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة أيضاً، قال: حدثنا وكيع عن شعبة وسفيان عن حبيب عن ميمون بن أبي شبيب عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على رسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وبعد -يرحمك الله-" لما لم يأت بأما لم يأت بالفاء، فدل على أن حكم الواو غير حكم أما، "وبعد" يعني بعد ما ذكر؛ لأنه حذف المضاف إليه مع قصده ونيته إليه فبنى (بعد) على الضم.
"يرحمك الله" الأصل أن يدعو لنفسه ثم يدعو لغيره كما تقدم في كلامه -رحمه الله- وكونه يدعو لغيره تدعو له الملائكة بمثل ما دعا به لغيره لا سيما إذا كان بظهر الغيب، والإكثار من الدعاء للغير لا شك أنه دليل على سلامة القلب، من الغل والحقد؛ لأن بعض الناس لا تجود نفسه بالدعاء لغيره، بل يدخر جميع دعواته لنفسه، ومن شفقته عليه، ولا شك أن هذا بخل وحرمان للنفس قبل الغير.