ولهذا مجاهد مثلا تميز عن أئمة التفسير بأنه أخذ التفسير عن ابن عباس رَضِيَ اللهُ عنْهُ، ولهذا يعتني أئمة السنة بتفسير مجاهد خاصة ويكثرون نقل تفسير مجاهد ويكثرون الأسانيد عن مجاهد خاصة كما قال سفيان الثوري وغيره: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به. يعني يكفيك ذلك وذلك؛ لأن مجاهد عرض التفسير عن ابن عباس ثلاث مرات.
يعني أن تفاسير التابعين ليست بقوية في نفسها؛ بل هي قوية في غيرها.
أما الصحابة فهم أقوياء في التفسير في أنفسهم؛ لأنهم شاهدوا التنزيل، ولأنهم يعلمون معاني اللغة العربية أقوى من غيرهم، ولأن عندهم من العلم بالأحكام الشرعية وبما كان في أحوال العرب وعلى عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما يكون به قولهم له القدر الذي هو أعظم من أقوال من بعدهم.
بالنسبة إلى التفاسير المنقولة عن أهل الكتاب هذه كثرت في التابعين، إذْ أن طائفة من التابعين ينقلون التفسير عن المفسرين من أهل الكتاب أو عن الذين يحكون قَصص الأولين من أهل الكتاب، كما يذكرون في اسم أو لون كلب أصحاب الكهف وفي أسماء أصحاب الكهف وفي أسماء ملوك القرى ونحو ذلك، وهذه كلها لاشك ليست من المنقول عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا عن الصحابة، وإنما هي منقولة عن طائفة من أهل الكتاب كما ينقل ذلك عن محمد بن إسحاق بن يسار صاحب السير في السيرة وفي غيرها وكما يقوله غيره من المفسرين ومن التابعين أو من تبع التابعين.
تفاسير الصحابة النقل فيها عن بني إسرائيل قليل جدا، وفي الغالب أنهم إذا نقلوا النقل فلا يحمل إذا نقلوا النقل الذي فيه يكون فيه ذكر أمور غيبية لا يحمل أنهم نقلوه عن بتي إسرائيل بل يحمل في الغالب مما استثني يحمل على أنه أخذوه تفقها من القرآن أو مما جاء في السنة أو سمعوه من بعض الصحابة أو نحو ذلك، هذا لأن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ قال لهم: إذا حدثكم بني إسرائيل فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم.