ولهذا إذا أجمع الصحابة في التفسير على قولٍ فإنه يصير هذا القول نقلا عن معصوم؛ لأن إجماع الصحابة لا يكون إلا على حق، فلا يجتمعون على ضلالة لإخبار النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ بذلك عن أمته في الحديث الذي قد يكون حسنا بقوله «لا تجتمع أمتي على ضلالة» يعني أنّ إجماع الصحابة مأخوذ به، وهذا نقل الإجماع منه في التفسير في عدة في آيات كثيرة والذي يعتني بهذا كثيرا ابن جرير رحمه الله تعالى يعبّر عن ذلك بقوله يقول وإنما قلنا ذلك لإجماع الحجة من أهل التأويل على هذا.
وما أجمعوا عليه يجب المصير إليه؛ لأنه نقل عن معصوم، والمعصوم ليس هو الصحابة بالنظر إلى أفرادهم وإنما هم الصحابة بالنظر إلى إجماعهم.
القسم الثاني النقل عن أفراد الصحابة وعن أفراد التابعين، فهذا من العلوم أن هؤلاء ليسوا بمعصومين فأقوالهم فيها القوة وفيها الضعف خاصة إذا اختلفوا، فإن بعض الأقوال تجده قوية وبعض الأقوال تجده أضعف، والأكثر في اختلاف الصحابة -كما ذكرنا سالفا- أنه اختلاف تنوع فلا يوصف القول بقوة ولا ضعف، وإنما يقال هؤلاء رأوا الجهة فسروا العام بأحد أفراده، فسروا المشترك بأحد معنييه، فسروا المجمل بما يبينه، فسروا الكلمة بما تضمنته، فسروا الفعل بما عدي به يعني بالتضمين ونحو ذلك من الأنواع التي اختلف ذكرها، وهي أحد أنواع الاختلاف أو هي أنواع اختلاف التنوع الذي جرى عند الصحابة رضوان الله عليهم في تفسيرهم لكلام الله جل وعلا.
أما كلام التابعين فمن المعلوم أنه ليس بقول أحدهم حجة على أحد، كذلك قول أحد التابعين لا يؤخذ حجة مطلقا؛ بل إنما يكتسب القوة إذا كان إما مدللا عليه، وإما أن يكون أخذه عن الصحابي.