على كل حال هذا المقام له مزيد تفصيل، أيضا من الشروط، الآن نتكلم عن شروط الاستنباط؟ صحيح.
من الشروط أن يكون عالما بتوحيد الله في ربوبيته وفي ألوهيته وأسمائه وصفاته، فإذا كان جاهلا بالتوحيد لم يجز له أن يفسر، فإن فسر كان من أهل الرأي المذموم، ولذلك جُعلت التفاسير المبتدعة جميعا في تفسير آيات الصفات أو التوحيد من التفاسير بالرأي المذموم لأنهم جهلوا الحق في ذلك أو لم يلتزموه.
أضاف بعضهم إلى الشروط -وهو محل تأمل- العلم بأحوال العرب، العلم بأحوال المشركين وأحوال العرب وأمورهم الدينية والاجتماعية وعلاقاتهم ببعضهم البعض ونحو ذلك.
وأضاف بعضهم العلم بأسباب النزول.
وأضاف آخرون العلم بسيرة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
لكن هي داخلة فيما مضى بنحو أو بآخر.
نعم، التابعون اجتهدوا والصحابة اجتهدوا لتوفر ذلك فيهم، فاجتهادهم من الاجتهاد المقبول السائغ، وإن حصل من بعضهم اجتهاد عن غير دليل ولا برهان أو يرده الدليل فإنه يُرد عليه، كما رُدّ على مجاهد بعض تفاسيره فإن كان هو مجاهد رد عليه بعض التفسير؛ وذلك في تفسير قوله تعالى {عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا} [الإسراء: 79] ، فإنه فسر المقام المحمود بإجلاسه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ على العرش. وهذا وإن كان أهل السنة يُثبتون الخبر عن مجاهد؛ لأن فيه ردا على أهل التجهّم وأنّ أهل التجهم معاندون مخالفون للتابعين -ونحو ذلك مما بيانه في التوحيد- لكن هذه الخصوصية في التفسير لم تُرْوَ إلا عن مجاهد، وإن كان هو الإمام مجاهد بن حبر رحمه الله لكن لم يدل دليل على هذا الاستنباط؛ بل دل الدليل على خلاف قوله من أن المقام المحمود هو الشفاعة العظمى في يوم القيامة.
لهذا نقول الاجتهاد والاستنباط كثير في الصحابة، كثير في التابعين، كثير فيمن بعدهم، ولا يجوز إلا بشروط وإلا خرج إلى التفسير المذموم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
* * *
أعدّ هذه المادّة: سالم الجزائري