مثال ذلك حديث السّدي، السدي صاحب تفسير، له تفسير يفسر باستنباطه ويفسر وينقل عن غيره، يروي التفسير عنه أسباط بن نصر يروي التفسير عنه أسباط بن نصر، السدي فيه ربما كلام، وأسباط بن نصر أيضا فيه كلام ربما ضُعِّف بل جعل ممن اُنتقد على مسلم إيراد حديثه، فيأتي فيقول هذا الإسناد حسن بل ربما يقول هذا ضعيف، وهذا عند العلماء بالتفسير هذا من أجود الأسانيد؛ بل هو أجود أسانيد تفسير السدي، وإن كان أسباط فيه كلام فذلك الكلام فيه في الحديث، أما في العناية بالتفسير فلو به خصوصية خاصة تفسير السدي، وقد نقله عن كتابه وحفظه، ولهذا لما ترجم له العلماء قال راوي تفسير السدي.
مثل علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، يأتي كثيرون يقولون علي بن أبي طلحة لم يدرك ابن عباس، فهذا منقطع فالتفسير ضعيف، وتفسير علي بن أبي طلحة عن ابن عباس هذا الذي اعتمده البخاري فيما يعلقه في التفسير عن ابن عباس في صحيحه، وقد ذكر الحافظ ابن حجر كما ذكرت لكم آنفا أن الواسطة هي مجاهد وهي وجادة يعرف العلماء هذا.
فليست كل قاعدة عند أهل الحديث تطبق على أسانيد المفسرين بل المفسرون لهم في ذلك خصوصيات يعرفها المتحققون بذلك نعم.
نعم إن أصول المصطلح -مصطلح الحديث- تنطق على أسانيد المفسرين إلى حد ما؛ لكن ليست على إطلاقها، أحيانا يكون بعض الأسانيد ضعيفة على طريقة المحدثين لكن مروية من جهة [الشرف] (?) مثل الإسناد المعروف عن ابن عباس الذي فيه: حدثني أبي عن جدي عن عمه عن أبيه عن جده عن ابن عباس، إسناد يكثر في تفسير ابن جرير، وهذا الإسناد وإن كان ضعيفا من جهة ضعف الرجال لجهالة بعضهم وعدم معرفته؛ لكن اعتمده العلماء لأجل أن الغرض من ذكر هذا جهة [الشرف] .
وهذا إلى تفصيل يعني أن يترك الراوي في الرواية عن أبيه وأنهم رووا التفسير دون نظر إلى أنه هل هو ثقة أو غيره فإنهم تلقوا ذلك وتتابعوا عليه.