فلا يحل لأحد أن يفسر القرآن بمجرد رأيه، فالتفسير بالرأي المجرد مذموم ومنهي عنه؛ لأنه داخل في القول على الله جل وعلا بلا علم، فالذي يفسر بالرأي هو يقول إن معنى قول الله هو كذا بغير دليل يستدل عليه وإنما لمجرد شيء بدر له وظهر بدون حجة لا نقلية ولا لغوية، ولهذا الأحاديث التي جاء فيها الوعيد فيمن فسر القرآن برأيه، معناها ما جاء في الروايات الكثيرة يعني المتعددة في النهي عن تفسير القرآن أو الوعيد بتفسير القرآن بغير علم؛ لأنه جاء لفظان «من فسر القرآن بغير علم» واللفظ الثاني «من قال في القرآن» ، وجاءت رواية «من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار» فنرجع بالرأي إلى الرأي الذي ليس عليه علم، وهو الذي صار إليه شيخ الإسلام في آخر الكلام بعد النقول عن السلف الكثيرة:
أولا عن لأبي بكر رَضِيَ اللهُ عنْهُ بعد أن ساق الأحاديث من قال في القرآن بغير علم ذكر عن أبي بكر وإسناده عن أبي بكر حسن، وعن عمر لا تثبت في قوله {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} وإنّما هي أقرب عن أبي بكر لتعدد رواياتها عنه، وفيها التحذير الشديد من أن يقال في القرآن بغير علم.
أما إذا احتج بعلم إما بآية أو بسنة أو بلغة، فإن هذا علم يصح أن يفسر بناء على فهمه من آية أو حديث أو لغة، وهذا هو الذي صار من الصحابة رضوان الله عليهم، فقد اجتهدوا بناء على فهم فهموه، فهو قول في القرآن بعلم وليس بغير علم، فيحمل المروي عنهم عن الخلفاء وعن الصحابة من النهي عنه تفسير القرآن بالرأي، أو أن يقول قولا في القرآن؛ لأن هذا القول هو الذي لا يستند إلى حجة ودليل.
أما ما يستند إلى حجة ودليل عند صاحبه فهو مأذون له به كما هو الشائع في تفاسير العلماء في هذا الصدد.