قوله: (وقد وقعت آيات مدنية في سور مكية، كما وقعت آيات مكية في سور مدنية، وذلك قليل مختلف في أكثره).
الأصل أن تكون السورة مكية كلها أو مدنية كلها، والاستثناء خلاف الأصل، ولا يخرج عن نوعين:
الأول: أن ترد آية مكية في القرآن المدني، وهو قليل مختلف فيه، بل إن ابن حجر رحمه الله يقول: (فلم أره إلا نادراً) (?)، يعني وقوع الآيات المكية في السور المدنية قليل.
الثاني: أن ترد آية مدنية في القرآن المكي، وهو موجود وكثير (?).
قوله: (واعلم أن السور المكية نزل أكثرها في إثبات العقائد، والرد على المشركين، وفي قصص الأنبياء، وأن السور المدنية نزل أكثرها في الأحكام الشرعية، وفي الرد على اليهود والنصارى ....).
يمكن أن يطلق على هذه موضوعات المكي والمدني، وهو الذي عُرف ـ فيما بعد ـ عند السيوطي وغيره بضوابط المكي والمدني. وذكر أن أكثر السور المكية في إثبات العقائد والرد على المشركين، وفي قصص الأنبياء، وقوله: (أكثرها) دقيق؛ لأن بعض السور المدنية لا تخلو من إثبات العقائد، ولا تخلو من الرد على المشركين، ولا تخلو من قصص الأنبياء، وهذا يفيد في إدراك كون السورة مكية بالنظر إلى الموضوعات الرئيسة التي طرحها المؤلف، وإن كان ليس لازماً، إذ قد وردت ـ مثلاً ـ قصة آدم في سورة البقرة، وهي مدنية.
أما السور المدنية فموضوعاتها الأحكام الشرعية والمراد بها التفصيلات وليس أصول الأحكام؛ لأن الأمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة كان موجوداً في مكة، وكذلك الرد على اليهود والنصارى والمحاجة