التقسيم الذي ذكره فيه خلاف، والكلام فيها يطول، لكن نأخذ مثالاً في ذلك، وهي أم القرآن؛ وقع فيها خلاف على ثلاثة أقوال:
1 - قيل: نزلت بمكة.
2 - قيل: نزلت في المدينة.
3 - قيل: إن جزءاً منها نزل بمكة وجزءاً بالمدينة، وهذا أضعف الأقوال.
والصحيح أنها نزلت بمكة، وأقوى الأدلة على ذلك هو ما ورد في سورة الحجر في قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} [الحجر: 87]، والرسول صلّى الله عليه وسلّم قد فسر أن المراد بالسبع المثاني والقرآن العظيم أنها الفاتحة، فبيانه صلّى الله عليه وسلّم ليس بعده بيانٌ، وسورة الحجر مكية بالاتفاق، وبهذا فسورة الفاتحة مكية؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد أوتيها كما هو نصُّ الآية.
واستدلوا بأدلة أخرى مثل انعقاد الصلاة بها، وغيرها من الأدلة، لكن هذا من أقوى الأدلة وأوضحها وأصرحها؛ لأنه قد يقول قائل: يحتمل أنه كان يصلي ولم تفرض الفاتحة بعدُ، وإنما فرضت في المدينة، فنقول: إنه لو سقط الاستدلال بهذا لا يسقط الاستدلال بآية الحجر، وهي مكية.
نزول السورة أو الآية مرتين:
يقصد بنزول السورة أو الآية مرتين أن تكون نزلت أول مرة لغرضٍ، ثم حدث أمر فأُنزلت مرة أخرى للغرض الحادث، وليس نزول جبريل عليه السلام لمدارسة النبي صلّى الله عليه وسلّم في رمضان من هذا الباب.
والقول بنزول السورة أو الآية مرتين خلاف الأصل، والأحاديث الواردة في كون آية نزلت مرتين فيها ضعف (?).