ذكرت هي في قضايا ليس لها علاقة بالقتال أصلاً، وإنما لها علاقة بالمعاملة، أو طريقة المجادلة، أو غير ذلك.
والمقصد من ذلك أن هذه الأمثلة التي ذكرها المؤلف، لكل واحدةٍ تخريجٌ على حال من الأحوال، وليس لها علاقة بقضية الناسخ والمنسوخ.
ولو جمعت الآيات التي قيل إنها نسخت لفظاً ـ سواء بقي معناها أم لم يبق ـ لخرج فيها بحث جيد، ويكون البحث مؤصلاً من جهة المتن ومن جهة الإسناد، فإذا ثبت المتن والإسناد فإنه يشار إليه كما في صحيح البخاري في قوله سبحانه: الذَّكَرَ وَالأُنْثَى (?)، وكما في قول أنس (ت93هـ): «أُنزل في الذين قتلوا ببئر معونة قرآنٌ قرأناه ثم نسخ بعد: «بلِّغوا قومنا أن قد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه» (?)، وكما في كلام أبي موسى الأشعري (ت44هـ) للقراء: «وإنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها غير أني قد حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى وادياً ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب» (?).
ومن باب الفائدة إذا ورد عن التابعي حكاية قراءة عن الصحابي، كما يقول بعض تلاميذ ابن مسعود: قرأ ابن مسعود كذا كما في: «فصيام ثلاثة أيام متتابعات»، فلا يقال: هذه قراءة تفسيرية، فلفظ: «متتابعات» ليست آية، وإنما هي تفسير على هذا القول.
وهذا تخريج عقلي دعت إليه حماية القرآن من أن تكون هذه الألفاظ من الآيات، ثمَّ إنها نُسخت، والصحيح أن هذه قراءة؛ لأمور:
الأول: أن التابعي ينص على أن الصحابي قرأ، ولم يقل: فسَّر،