نقول: إن المقسم به هذا وهذا معاً؛ لأن الوصف يحتملهما، ولو قدَّمت القول بالكواكب والنجوم لأجل أن السياق في آيات كونية: {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} [التكوير: 18]، فتتناسب مع هذا القول، فإنه ترجيح له وجهه، لكن لا يعني أن القول الآخر باطل.
ورأيت بعض المعاصرين يقتصر على قول من قال: هي النجوم، وبعضهم يفسر الآية ولا يذكر أقوال السلف ألبتة، وكأنه لا قول لهم في الآية، وبعضهم يُبطِل أن يراد بالآية بقر الوحش والظبا.
والأسلوب الصحيح أن تذكر أقوالهم، فإن احتملتها الآية قيل بها جميعاً، وإن ترجَّح عندك أحدها ذكرته، ثم ذكرت موجب الترجيح، مع ملاحظة أن تقديمَ القول لا يَلزمُ منه إبطال القول الآخر ما دام من قبيل اختلاف التنوع، بل هو من قبيل تقديم القول الأَولى عندك.
القاعدة الخامسة: أن يدل على صحة القول كلام العرب من اللغة والإعراب أو التصريف أو الاشتقاق.
يلاحظ أن هذه الجهة العربية قد تدل على صحة القول من جهة حمل القرآن على المعنى العربي، لكن لا يلزم أن تدل على ترجيحه، فالقُرْءُ ـ مثلاً ـ يطلق في كلام العرب على الحيض والطهر، فدل كلام العرب على صحة القول من هذه الجهة، لكننا نحتاج إلى مرجِّح آخر لنعرف المراد منه في الآية.
فدلالة كلام العرب على صحة القول لا تكفي إلا أن يكون هناك قول صحيح وقول باطل من جهة اللغة، كما قيل في لفظ الاستواء بأنه بمعنى الاستيلاء، وبه فُسِّر استواء الرحمن في مثل قوله تعالى: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]، وهذا المعنى لم يثبت في اللغة.
ومثل هذا القول الباطل يصحُّ القول بأنه لا يدل عليه كلام العرب.
ومن حيث العموم فإنه لا بد من معرفة كلام العرب والنظر في