وقد نبهت على ارتباط بعض أسباب الاختلاف بوجوه الترجيح؛ لأن المؤلف رحمه الله قرن بينهما في هذه المقدمة، وقد يشكل على القارئ كون هذا يُعدُّ مرة سبباً، ومرة وجهاً من وجوه الترجيح.

السبب الأول من أسباب الاختلاف: اختلاف القراءات:

ليس كل الاختلاف في القراءات داخلاً في التفسير، وليس الاختلاف في القراءات من أسباب اختلاف المفسرين إلا إذا كان الاختلاف في معنى قراءة واحدة، وهذا سيرجع إلى أسباب الاختلاف الأخرى وليس إلى كونها قراءة يخالفها قراءة أخرى.

أما الاختلاف في نحو قوله سبحانه وتعالى: {ارْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} [يوسف: 12] فيدخل في التفسير وليس في اختلاف المفسرين، يقول ابن جزي: «من قرأه بكسر العين فهي من الرَّعْيِ ـ يعني: يرتعِ ـ أي: من رعى الإبل أو من رعي بعضهم لبعض وحراسته، ومن قرأه بالإسكان فهو من الرتع وهو الإقامة في الخصب والتنعم، والياء على هذا أصلية، ووزن الفعل (يفعل) ووزنه على الأول (نفتعل)، ومن قرأ {يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} بالياء فالضمير ليوسف، ومن قرأ بالنون فالضمير للمتكلمين، وهم إخوة يوسف» (?).

وهذا الاختلاف في القراءات ـ كما ترى ـ لم يؤثر على اختلاف المفسرين، فالذين قرأوا «يرتعِ» لم يختلفوا في معناها، والذين قرأوا «يرتعْ» لم يختلفوا أيضاً في معناها، فالمفسرون لم يختلفوا، إنما هؤلاء فسروا قراءة، وهؤلاء فسروا قراءة أخرى؛ ولذا فإن إدخال اختلاف القراءات في أسباب الاختلاف غير دقيق (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015