إن الذي رفع الحرج هو النبي صلّى الله عليه وسلّم ـ بعد أن نَهَى فترةً عن التحديث عنهم ـ فلماذا يأتي بعض الباحثين اليوم بتضييق ما رُفع عنَّا فيه الحرج، فهل يريد أن يستدرك على هذا الحديث أم ماذا؟!
والمنهج الذي نتعامل به مع الإسرائيليات كما هو وارد في الأخبار ما يأتي:
1 - جواز التحديث عنهم كما أجازه صلّى الله عليه وسلّم.
2 - التحديث عنهم بدون تصديق ولا تكذيب كما قال صلّى الله عليه وسلّم: «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم» (?)، وهذا يعني أن الإسرائيليات مجرد أخبار لا تصدق ولا تكذب.
3 - نضيف إلى هذا طريقة عمل السلف مع هذه المرويات، فهم لم يقبلوها مطلقاً ولم يردوها مطلقاً، وإنما كانوا إذا قبلوا شيئاً قبلوه بحجة، كما عند عليٍّ رضي الله عنه عندما جاءه يهودي فسأله علي: أين النار؟ قال: في البحر، قال علي: ما أُراه إلا صادقاً {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} [الطور: 6]، {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} [التكوير: 6] بالتخفيف (?).
إن عليّاً رضي الله عنه لما صدَّق خبر اليهودي لم يصدقه تصديقاً مطلقاً مجرداً، وإنما كان عنده حجة يرجع إليها.
ويبدو أن التشدد الواقع اليوم على مرويات بني إسرائيل لا يخلو من سببين:
الأول: ما تراه من افترائهم على أنبياء الله، وإلصاق التهم بهم.
الثاني: ما نراه من تسلط دولة يهود، وعيثها في الأرض فساداً، مما أحدث ردة فعل تجاه كل ما هو من بني إسرائيل.