قال رحمه الله: وأما القراءات فإنها بمنزلة الرواية في الحديث فلا بد من ضبطها كما يضبط الحديث بروايته، ثم إن القراءات على قسمين: مشهورة، وشاذة، فالمشهورة هي القراءات السبع، وما جرى مجراها كقراءة يعقوب، وابن محيصين، والشاذة ما سوى ذلك.
وإنما بنينا هذا الكتاب على قراءة نافع المدني لوجهين: أحدهما: أنها القراءة المستعملة في بلادنا بالأندلس وسائر بلاد المغرب الأخرى؛ والآخر: الاقتداء بالمدينة شرفها الله؛ لأنها قراءة أهل المدينة، وقال مالك بن أنس: «قراءة نافع سنة»، وذكرنا من سائر القراءات ما فيها فائدة في المعنى والإعراب، وغير ذلك، دون ما لا فائدة فيه زائدة، واستغنينا عن استيفاء القراءات؛ لكونها مذكورة في الكتب المؤلفة فيها، وقد صنَّفنا فيها كتباً نفع الله بها، وأيضاً فإنا لما عزمنا في هذا الكتاب على الاختصار حذفنا منه ما لا تدعو إليه الضرورة، وقد ذكرنا في هذه المقدمات باباً في قواعد أصول القراءات (?).
العلم الثاني من العلوم: علم القراءات، وقد ذكر المؤلف عن القراءات أنها بمنزلة الحديث، ويريد بذلك أن الطريق إليها الرواية، لكن لا شك أن طريقة تلقي القراءات تختلف عن طريقة تلقي الأحاديث،