سهلة، أذاك وإهلاكك كوقايتك وإنجائك، يعصمني من مضرتك فضل الله عز وجل، وسعد الملك الذي فارقته، وإقبال عضد الدولة الذي اعتلقته وأملته.

فَلَو سِرْنَا وفي تَشرِينَ خَمسٌ ... رَأوني قَبْلَ أَنْ يَرَوا السِّمَاكَا

يُشَرِّدُ يُمنُ فَنَّاخُسرُو عَنِّي ... قَنَا الأعدَاءِ والطَّعْنَ الدِّراكَا

وَألبَسُ مِنْ نَدَاهُ في طَرِيقِي ... سِلاحَاً يَذعَرُ الأبطَالَ شَاكَا

تشرين الأول بالسريانية: هو شهر أكتوبر بالرومية، والسماك الأعزل: كوكب معروف من كواكب الأنواء، وهو يطلع بالغداة لخمس يخلون من تشرين المذكور، والطعن الدراك: المتتابع، والسلاح الشاك: الحديد.

فيقول على ما قدمه، من ثقته بما أحاط به من سعادة عضد الدولة: فلو سرنا وقد انصرم لتشرين خمس من لياليه، لرآني من أقصده من أهل، وأحن إليه من الجماعة المتصلة بنفسي، قبل أن يروا السماك الذي هو في هذا الوقت أول طوالع الغداة البداية، وأظهرها إلى العيون الناظرة؛ إشارة إلى سرعة سيره، وما يثق به من تأييد الله تعالى له في جملة أمره.

ثم قال على نحو ما قدمه من إسناده إلى الاعتزاز بعضد الدولة، والتصرف في سعادته: يشرد يمن فناخسرو عني جميع ما أحذره من آفات السفر، وما أتوقع في ذلك من حوادث الضرر، واستظهر به على الأعداء، واستدفع ببركته مكروه اللأواء.

ثم قال: وألبس في طريقي من نداه المترادف، وإفضاله الجزيل المتتابع، سلاحا شاكا، أدعر به حماة الأبطال، وأغنى بهيبته عن التعرض للقتال.

وَمَنْ اعتَاضُ مِنكَ إذا افتَرَقْنَا ... وَكُلُّ النَّاسِ زُورٌ ما خَلاَكا

وَمَا أَنَا غَيرُ سَهْمٍ في هَوَاءٍ ... يَعُودُ وَلَمْ يَجِدْ فِيهِ امتِسَاكا

حَيِّيٌ مِنْ إلهي أَنْ يَرَانِي ... وَقَدْ فَارقَتُ دَارَكَ واصطَفَاكَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015