ثم قال: وليت النوم حدثه أن البخت لا ترد بي العراق مع ما هي عليه من القوة، وما شهرت به من وثاقة الخلقة، إلا وقد أنضى الإعراق منها العذافرة الصلبة الخلق، اللكاك المكثرة اللحم، وحذف الإعراق لدلالة يعرقن عليه، كما قال عز وجل: (فاطر السموات والأرض، جعل لكم من أنفسكم أزواجا، ومن الأنعام أزواجا، يذرؤكم فيه، ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير)، فرد الضمير إلى الجعل، ولم يذكره لدلالة جعل عليه.

ثم قال مشيرا إلى محبوبه الذي قدم ذكره: وما أرضى لمقلته بحلم تنتبه فلا تتحققه، لعدم رؤيته، ولا تتمتع به لقصر مدته.

ثم قال على نحو ما قدمه من ذكر محبوبه: ولا أرضى له إلا بأن أرد عليه فيصغي إلى ما أورده عنك من ميل الذكر، واحكي ما أسديته إلي من جليل الفضل، فليته عند ذلك لا يتيمه هواك إعجابا بك، وبما جمعه الله من الفضائل لك، وحذف أرضى من لفظه استغناء بما قدم من ذكره.

وَكَمْ طَرِبِ المَسَامِعِ لَيسَ يَدرِي ... أَيَعجَبُ مِنْ ثَنَائِي أَمْ عُلاَكا

وَذَاكَ النَّشْرُ عِرضُكَ كانَ مِسكَاً ... وَذَاكَ الشِّعْرُ فِهري والمَدَاكَا

فَلاَ تَحمَدْهُمَا وأحمَدْ هُمَامَاً ... إذا لَمْ يُسْمِ حامِدُهُ عَنَاكَا

الطرب: خفة تغلب عند شدة الفرح والحزن، والعلا: غايات الشرف والرفعة، والواحدة عليا، والنشر: الفوح، والفهر: الحجر الذي يسحق به الطيب، والمداك: صلاية الطيب التي يداك عليها، والدوك: الدق والسحق، والهمام: الملك العظيم.

فيقول: وكم من فرح المسامع بما أبثه من فضلك، وأنظمه في شعري من مدحك، فليس يدري عند سماعه لذلك أيعجب من علاك، وما تبلغه من الجلالة والرفعة، أم من ثنائي وما يشتمل عليه من الاحتفال والكثرة؟.

ثم قال: وذلك الفوح (الذي) يتضوع عندما أصفه من مجدك، وأذكره من ترادف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015