مكان، فجاءها بالفيال وفيله، وأردفهما بمقانب خيوله.
فَقِيدَتِ الأُيَّلُ في الحِبالِ ... طَوعَ وُهُوقِ الخَيلِ والرِّجالِ
تَسِيرُ سَيْرَ النَّعَمِ الأَرسَالِ ... مُعتَمَّةً بِيُبَّسِ الأجذَالِ
وِلُدْنَ تَحتَ أَثقَلِ الأَحمَالِ ... قَدْ مَنَعَتهُنَّ مِنَ التَّفالِي
لا تَشرَكُ الأَجسَامَ في الهُزَالِ إذا ... تَلَفَّتْنَ إلى الأَظلاَلِ
أَرَينَهُنَّ أَشنَعَ الأَمثَالِ ... كَأَنَّما خُلِقْنَ لِلإخْلاَلِ
زِيادَةً في سُبَّةِ الجُهَّالِ ... والعُضْوُ لَيسَ نَافِعَاً في الحَالِ
لِسَائِرِ الجِسْمِ مِنَ الخَيَالِ
الأيل: جمع إيل، والوهق: حبل يثنى على صناعة تؤخذ به الدابة والإنسان، إذا رام من يقع فيه التخلص منه أشد عليه، والنعم: الإبل والشاء، والأرسال: المتتابعة، والأجذال: أصول الشجر يشبه بها قرون تلك الأيل، ومعتمة: مفتعلة من التعميم، والتفال: التفاعل من الافتلاء، وخبال الجسم: انحلاله وذوبه.
فيقول: فقيدت المسنة من الأيل في الحبال مغلوبة، وفي وهوق الفرسان والرجالة مملوكة، تسير سير النعم متتابعة، وتنقاد لما تحمل عليه متخاضعة، معتمة من قرونها فيما يشبه أصول الشجر العادية، وتتشعب تشعب الأغصان المثنية، فهي مولودة منها تحت أحمال مثقلة، ومتصرفة تحت آلات متعبة، وأن لم تكن كذلك في حين النشأة، فما لها إلى هذه الحال في حقيقة الخلقة.
ثم قال: قد منعتها تلك القرون من التفالي بعظمها، ولم تشرك أجسامها في هزالها وسمنها، فإذا التفتت إلى أظلالها رأت من أنفسها أبشع الأمثلة، ونظرت إلى الشخوص مفزعة، فكأنما ألزمت تلك القرون على سبيل الإذلال لها، وحملتها ليسب جميع الجهال بها.
ثم قال: والعضو إذا تفاحش أمره، وخرج عن المعهود قدره، فليس يمنع سائر