تحذره، والمكروه مصروف عنك فلا تتوقعه.

ثم قال: فإذا ضرب المثل بأعلام الفرسان، وهتف في الحروب بأبطال الشجعان، فهو الشجاع الذي لا يعدل أحد به، والبطل الذي تخضع رقاب الأبطال له.

عُدَدُ الوُفُودِ العَامِدِينَ لَهُ ... دُونَ السِّلاحِ الشُّكْلُ والعُقُلُ

فَلِشُكْلِهِمْ في خَيلِهِ عَمَلٌ ... وَلِعَقلِهِمْ في بُختِهِ شُغُلُ

تُمسِي على أَيدِي مَوَاهِبِهِ هِيَ ... أَوْ بِقِيَّتُها أو البَدَلُ

العقل: جمع عقال، وهو رباط البعير، والشكل: معروفة، والشكل واحدها شكال، والبخت: الإبل الخراسانية، واحدها بختي، والبدل: العوض.

فيقول: أن الوفود القاصدين إليه قد غنوا عن تحمل السلاح في بلاده، لما شمل أهلها من الدعة، وما عمها من السكون والأمنة، وأنهم لا يتحملون إلا بالشكل والعقل، متيقنين لما يختارون في هباته من الخيل وما يصير إليهم بها من البخت.

ثم قال مشيرا إلى صدق ظنون الوفود القادمين عليه فيما يشملهم به من الفضل، ويتابعه عندهم من الإحسان والبذل: فللشكل الذي يجلبونها عمل في خيله، وللعقل التي يتحملون بها نحوه تصرف في بخته.

ثم قال: تمسي تلك الخيل والبخت مقبوضة من قاصديه، محوزة في تملك مؤمليه، نافذة على أيد مواهبه، متصيرة عندهم في جمل فواضله، وأن سبق إلى بعضها المتقدمون من عفاته، والأولون من وفوده، كان لمن تلاهم من قصاده ما بقي من حملها، أو ما حل مما يعتاضه محل بدلها.

يَشتَاقٌ مِنْ يَدِهِ إلى سَبَلٍ ... شَوقَاً إلَيهِ يَنبُتُ الأسَلُ

سَبَلٌ تَطُولُ المَكرُمَاتُ بِهِ ... والمَجْدُ لا الحَوذَانُ والنَّفَلُ

وَإلى حَصَى أَرضٍ أَقَامَ بِهَا ... بِالنَّاسِ مِنْ تَقبِيلِهِ يَلَلُ

إنْ لم تُخَالِطْهُ ضَواحِكُهُمْ ... فَلِمَنْ تُصَانُ وَتُذخَرُ القُبَلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015