عليه من الشغل، وشمس في عين الناظر إليها؛ بما يشاهد فيها من الحسن، وسقم لأبدان؛ بما توجبه من عشقها، ومسك يتوضع في أنف مستنشقها، وهذا التصنيف في الوصف باب من البديع يعرف بالتقسيم.

وَأَغَيَدُ يَهْوَى نَفْسَهُ كُلُّ عَاقِلِ ... عَفيفٍ وَيَهْوَى جِسْمَه كُلُّ فَاسِقِ

ثم يقول: إنه سقاه مع المليحة التي قدم وصفها، غلام أغيد، يهوى نفسه كل عاقل عفيف يطرقه، ويهوى جسمه كل فاسق خبيث لحسنه.

أَدِيبُ إذا مَا جَسَّ أَوْتَارَ مِزْهَرٍ ... بَلا كُلَّ سَمْعٍ عَنْ هَوَاها بِعَائِقِ

ثم قال: إنه مع ذلك أديب في خلقه، صادق في تصرفه، إذا ما جس أوتار مزهر وأعملها، وزينها، لغنائه وحركها، عاق الأسماع عما سواها، بشدة إصغائها إليه، وشغلها عن غيره لكثرة إقبالها عليه.

يُحَدَّثُ عَمَّا بَيْنَ عَادٍ وَيَبْنَهُ ... وَصُدْغَاهُ في خَدَّيْ غُلامٍ مُراهِقِ

ثم قال: يحدث فيما يغني به من أشعاره، وما يردده من ألحانه، عما بين عاد وبينه، يشير إلى سعة روايته لأشعار المتقدمين والمتأخرين، وصدغاه مع ذلك في خدي غلام مراهق في سنه، لم يبلغ الحلم فيما انصرم عليه من عمره.

وَمَا الحُسْنُ في وَجْهِ الفَتَى شَرَفاً له ... إذا لَمْ يَكُنْ في فِعْلِهِ وَالخَلاَئِقِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015