مواقعنا مقام العنبر، نستطيب ريحه، ونستلذ حسنه. وأشار إلى محل تلك البلاد من نفسه، وتمثلها في تذكره وفكره.
بلاَدُ إذَا زَارَ الحِسَانَ بِغَيْرِها ... حَصَى تُرْبِها ثَقَّبْنَهُ لِلْمَخَانِقِ
ثم قال: إن تلك البلاد التي تذكرها، إذا زار حسان غيرها من البلاد حصى تربها، تحلين به لحسنه، وخلطنه بالدر في نظمه، وثقبنه لمخانقهن، وصيرنه في عقودهن، فأخبر أن تراب تلك البلاد ينوب عن العنبر والمسك لطيبه، وحصاها مقام الياقوت والدر في حسنه.
سَقَتْنيِ بها القُطْرُ بُّلِيَّ مَلِيحَةُ ... عَلَى كَاذِبٍ مِنْ وَعْدِهَا ضَوْءُ صَادِقِ
ثم قال: سقتني في تلك البلاد شراب قطربل، وهو غاية في جودته، موصوف بكرم خبرته، مليحة فتانة، ساحرة خداعة، على كاذب وعدها، ضوء من الصدق، وعلى مخلفه ظاهر من الحق.
سُهَادُ لأَجْفَانٍ، وَشَمْسُ لِنَاظِرٍ ... وَسُقْمُ لأَبْدَانٍ، ومِسْكُ لِنَاشِقِ
ثم قال، واصفاً لتلك المليحة: هي سهاد لأجفان مبصرها؛ بما تبعث