قرع رؤوس الروم، والحرب متكافئة، والكتائب متزاحفة، والنصر متأخر عن الفئتين، والصبر قد أفرغ على الطائفتين، وقد ذلك الضرب أرؤس الروم، وبلغ لباتهم، وتمكنت سيوف أصحاب سيف الدولة فيهم، وجيشهم مهزوم، وجمعهم مغلوب، والنصر الغائب قد قدم، والظهور المنتظر قد التأم. وأشار بما ذكره إلى أن هزيمة الروم لم تكن إلا بعد مجالدة، وغلبة سيف الدولة لهم لم تكن إلا بعد مقاومة.
حَقَرْتَ الرُّدَيْنَّيِاتِ حَتىَّ طَرَحْتَها ... وَحَتىَّ كَأَنَّ السَّيْفَ للرُّمحِ شَاتِمُ
ثم يقول لسيف الدولة: حقرت الرماح، واستقللت فعلها، فطرحتها مستصغراً لها، ونبذتها غير حافل بها، وعدلت إلى السيوف عالماً بفضلها، واعتمدتها لخبرتك بأمرها، فكأنها شتمت الرماح بتصغيرها لشأنها، وأهانتها لسخطها بفعلها.
وَمَنْ طَلَبَ الفَتْحَ الجَلِيلَ فَإنَّما ... مَفَاتِيحُهُ البْيِضُ الخِفَافُ الصَّوَارِمُ
ثم قال: ومن طلب الفتح الجليل وحاوله، وارتقب النصر البين وطالبه، فإنما مفاتيح ذلك السيوف الصارمة، وأسبابه البيض الخفاف الماضية.
نَثَرْتَهُمُ فَوْقَ الأُحَيْدِبِ كُلَّهِ ... كما نُثِرَتْ فَوْقَ العَرُوسِ الدَّرِاهِمُ