يشير إلى كثرة ما أجري فيها سيف الدولة من دماء الروم، وأنها ساجلت بكثرتها الأمطار الوابلة، وشاكلت الغيوث الساجمة.
سَقَتْهَا الغَمَامُ الغُرُّ قَبْلَ نُزولُهِ ... فَلَمَّا دَنَا مِنْها سَقْتَها الجَمَاجُم
ثم قال: سقتها الغمام الغر قبل نزول سيف الدولة بها، وجادتها قبل حلوله فيها، فلما احتلها أوقع فيها بالروم الذين حاولوا منعه من بنيانها، ودفعه عن تسكينها،
فقتلهم جيوشه، وفلقت هامهم سيوفه، فسفك فيها من دمائهم، ما ماثل المطر الذي جادها به السحاب في كثرته، وقاومه في جملته.
بَنَاهَا فَأَعْلَى وَالْقَنَا يَقْرَعُ القَنَا ... وَمَوْجُ المَنَايا حَوْلَهَا مُتَلاَطِمُ
ثم يقول: بني سيف الدولة مدينة الحدث على الروم، وقد أذلهم بالإيقاع بهم، وقهرهم بالاستيلاء عليهم، بعد أن تقارع القنا من حربهم، وتلاطم موج الموت في حين منازلته لهم. يشير إلى أنه بنى هذه المدينة بعد الوقعة التي أثخنت الروم بالقتل، وألبستهم ثياب الذل.
وَكَانَ بِهَا مِثْلَ الجُنُونِ فأَصْبَحَتْ ... وَمِنْ جُثَثِ القَتْلَى عَلَيْها تَمَائِمُ
ثم قال: وكان بهذه المدينة، في حين خلاء أهلها، وامتناع المسلمين من البنيان لها، كالجنون لمخافة الروم، وتهيب أمرهم، وكراهتهم، والفرق من ملكهم، فسكن سيف الدولة تلك المخافة، وأذهب تلك المهابة، وترك