فيقول: وراعت بنا هذه الخيل قلب الفرات وذعرته، وأخافته وأفزعته، حتى كأنما تخر عليه من جماعات الرجال، ومواكب الخيول، سيول طارقة، وأمواج بحر متلاطمة، وجعل للفرات قلباً على سبيل الاستعارة.

يُطارِدُ فيهِ مَوْجَهُ كُلُّ سَابحٍ ... سَواءُ عَلَيْهِ غَمْرةُ وَمَسِيلُ

السابح: الفرس الذي يمد يديه في الجري، وغمرة الماء: مجتمعة، والمسيل: مجرى ماء المطر.

ثم قال: يطارد موج هذا النهر كل سابح من الخيل، سواء عنده منه الغمرة والمسيل، والكثير والقليل. يشير إلى ما هذه الخيل عليه من شدة الأسر، وما بلغته من قوة الخلق.

تَرَاهُ كَأَنَّ الماَء مَرَّ بِجِسْمِهِ ... وَأَقْبَلَ رَأْسُ وَحْدَهُ وَتَلِيلُ

التليل: العنق.

ثم قال: ترى ذلك السابح في الفرات، بكثرة مائه، وتعذر خوضه، وقد استتر جسمه، وخفي أكثره، حتى كأن الماء مر به، فلم يبق منه إلا القليل، ولا ظهر إلا الرأس والتليل.

وفي بَطْنِ هِنْزيطٍ وسَمْنِينَ للِظُّبَا ... وصُمَّ القَنَا ممن أَبِدْنَ بَديِلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015