ثم يقول: متى تزر قوم محبوبتك التي استقرارها فيهم، لا يتحفوك إلا بالسيوف والرماح، منتهزين لغرتك، وطالبين لمهجتك، ومستريبين لزيارتك. فدل على تعذر زيارة محبوبته، مما هي بسبيله من المنعة، وموضعها من الاعتزاز والرفعة.
والْهَجْرُ أَقْتَلُ لي مَّمِن أُرَاقُبهُ ... أناَ الغَريقُ فَمَا خَوْفي من البَللِ
ثم قال: وهجر من أحبه أقتل لي من سلاح من أراقبه، وموقع ما أحذره من الرقيب، في جنب ما أشكوه من هجران الحبيب، كموقع البلل عند الغريق، الذي هو أقل ما يحذره، وأهون ما يخافه ويتوقعه.
ما بَاُل كُلَّ فُؤَادٍ في عَشيرتِها ... بِهِ الّذي بي وَمَا بي غَيْرُ مُنْتَقلِ
ثم يقول: إن محبوبته بارعة الحسن، معشوقة الدل، كل قلب في عشيرتها به الذي بأبي الطيب من حبها، فما بال ذلك لا يخفف عنه من الكلف بها؟ وما بال حبها في قلبه ثابت لا ينتقل، ومقيم لا يرتحل؟
مُطَاعةُ اللَّحْظِ في الألَحاظِ مَالكِةُ ... لُمِقْلَتْيها عظِيمُ المُلْكَ في المُقَلِ