ولما أنشد هذه القصيدة وانصرف، كان في المجلس رجل يعاديه، فكتب إلى أبي العشائر على لسان سيف الدولة كتاباً إلى إنطاكية، يشرح له فيه ذكر القصيدة وأغراه به، فوجه أبو العشائر عشرة من غلمانه، فتوقفوا قريباً من باب سيف الدولة في الليل، وأنفدوا إليه رسولا على لسان سيف الدولة، وسار إليه، فلما قرب منهم، ضرب راجل بين أيديهم بيده إلى عنان فرسه، فسل أبو الطيب السيف، فوثب الراجل عنه، وتقدمت فرسه به الخيل فعبر قنطرة كانت بين يديه، فأصاب أحدهم نحرة فرسه بسهم فانتزعه، واستقلت الفرس به، وتباعد بهم ليقطعهم من مدد أن كان لهم، ورجع عليهم بعد أن فني النشاب، فضرب أحدهم بالسيف فقطع الوتر وبعض القوس، وأسرع السيف في ذراعه، فوقفوا عليه، وسار وتركهم، فلما يئسوا منه قال له أحدهم: نحن غلمان أبي العشائر، فلذلك قال:
ومُنْتَسِبٍ عِنْدي إلى مَنْ أُحِبُّهُ ... وَلِلَّنْبلِ حَوْلي من يَديْهِ حَفيفُ