وصنعتها مع ما صنعته، حتى تصرفت في الأشياء فمثلتها، وكثرت منها وأظهرتها، فلم يعدم المتأمل لتلك الصنائع، والمشاهد لتلك البدائع، إلا الزمان بصورته، ومشاهدته بمثاله، والزمان لا صورة له فدل بقوله؛ أنها لم يفتها إلا ما لا صورة له، على أنها استوفت الصور بجملتها، ومثلتها بعامتها، وهذا من البديع يعرف بالاستثناء.
وما ادَّخَرَتْها قُدْرَةً في مُصَوَّرٍ ... سِوَى أَنَّها ما أَنْطَقَتْ حَيَوانها
ثم قال: وما ادخرت تلك الصناع قدرة فيما صورته، وحكمة فيما أظهرته، إلا أنها لم تنطق الحيوان من تلك الصور، ولا أظهرت الحياة فيما أبدته من تلك المثل، وما خلا ذلك، فقد استوفته وأكملته، وحسنته وتممته.
وَسَمراءُ يسْتَغْوي الْفَوارسَ قَدُّها ... وَيُذْكِرُها كَرَّاتها وَطِعانها
السمراء: القناة.
فيقول، معدداً لما أهداه إليه: وسمراء يهيج الفوارس حسن قدها على الحرب، ويشوقها إلى المطاردة والطعن، ويذكرها بذلك، ويغريها بفعله، ويحركها إلى إستعمال مثله.
رُدَينيةُ تَمَّتْ وَكَادَ نَباتُها ... يُرَكَّبُ فِيها زُجَّها وَسِنَانَها
الردينية: منسوبة إلى ردينة، وكانت امرأة تتجر بالرماح في الجاهلية: