ثم دفع حتى أتى المزدلفة (?).
ويجمعون بالمزدلفة بين الصلاتين المغرب والعشاء تأخيرًا ويبيتون بها، وهذا المبيت نسك مجبور بالدم، والمزدلفة متوسطة بين منى وعرفات منها إلى كل واحدة منهما فرسخ، ولا يمكثون في مسيرهم من منى إلى عرفات، وإذا أصبحوا صلّوا بها صلاة الصبح مغلسين وأخذوا في السير إلى منى، فإذا انتهوا إلى المشعر الحرام وهو من المزدلفة بعد [أن] (?) وقفوا على قزح: وهو جبل من المشعر، ويقال: هو المشعر، يذكرون الله تعالى ويدعون إلى الإسفار، ثم يسيرون وعليهم السكينة، نعم إذا انتهوا إلى وادي محسر حركوا دوابهم وأسرع الماشون قدر رمية بحجر، ثم يعودون إلى السكينة ويسيرون فيوافون منى عند طلوع الشمس.
وأثر أبي بكر -رضي الله عنه- فيه جريان على سنة الوقوف على قزح، ويقال: إنه كان موقوف قريش في الجاهلية بدلًا عن عرفات، وكانوا لا يقفون بعرفات ويقولون: لا نخرج من الحرم.
وقوله: "أيها الناس أسفروا" أي: قفوا واصبروا حتى تسفروا.
وقوله: "ثم دفع" سمى انصراف القوم من المكان إلى المكان دفعًا؛ لأنهم إذا انصرفوا ازدحم بعضهم بعضًا.
ويقال: حرش بعيره يحرشه إذا ضربه بالمحجن واجتذبه، وفلان يحرش لعياله أي: يكسب.
وقوله: "فكأني أنظر إلى فخذه مما يحرش" يريد حركته ونعته النفر للسير.