إباحة التعرض لدمه وماله إلا أن الحال قد يقتضي المسامحة والإمهال، فإذا سالمناهم وعهدنا على أن يمتنعوا فلا يجوز واحد منهم وفينا ما وفوا، فإذا خان بعضهم فقد فات شرط الوفاء فجاز لنا أن نعود إلى أسر الباقين وقتلهم لشركهم.

وقوله: "لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح" أي: لو كان إسلامك قبل الأسر لعصمك عن القتل والإرقاق جميعًا، فأما بعد الأسر فإنه لا يوجب التخلية ولا منع الإرقاق.

واحتج بعضهم بالحديث على أن الكافر إذا قال: "أنا مسلم" لا يحكم بإسلامه؛ لأنه قد يريد أنه منقاد مستسلم، بل لا بد وأن يشهد بالوحدانية والرسالة، ولو كان محكومًا إسلامه لما رده إلى الكفار، ولكن ذكر الشافعي في "الأم": إنما رده لعلمه بأنهم لا يتعرضون لشرفه فيهم، أو لأن قومه يحمونه، وهذا مصير الحكم بإسلامه، ويجوز أن يقال: أنه تلفظ بما لابدّ منه ثم قال: أنا مسلم، وقوله: "لو قلتها وأنت تملك أمرك ... إلى آخره" يشعر أيضًا بالحكم بإسلامه.

وقوله: "فيم أخذت و [فيم (?)] أخذت سابقة الحاج" قد يسبق إلى الفهم منه أنه يعني نفسه ويقول: أنا من سابقة الحاج فِلمَ أخذت، لكن روى مسلم في "الصحيح" (?) عن أبي الربيع العتكي، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة بإسناده وقال: "كانت العضباء لرجل من بني عقيل وكانت من سوابق الحاج، وكان ثقيف حلفاء لبني عقيل، فأسرت ثقيف رجلين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأسر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا من بني عقيل وأصابوا معه العضباء فأتى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015