لا خلاف في أن المطلقة الرجعية تستحق النفقة والسكنى، وفي البائنة ثلاث مذاهب:
فعن ابن عباس: أنه لا نفقة لها ولا سكنى إلا أن تكون حاملًا، وبه قال الحسن وعطاء بن أبي رباح والشعبي وأحمد وإسحاق، واحتجوا بما روي عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس أن زوجها طلقها ثلاثًا فلم يجعل لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سكنى ولا نفقة وأمرها أن تعتد عند ابن أم مكتوم فاعتدت عنه (?).
وعن عمر وابن مسعود أن لها السكنى والنفقة حاملًا كانت أو حائلًا كالرجعية، وبه قال النخعي وسفيان وأبو حنيفة.
وقال آخرون: لها السكنى بكل حال ولا نفقة لها إلا أن تكون حاملًا ويحكى هذا عن ابن المسيب والزهري، وبه قال مالك والأوزاعي والشافعي، ويدل على وجوب السكنى قوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} (?).
وقال تعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (?).
وتكلموا في قصة فاطمة بنت قيس من وجهين:
أحدهما: عن عروة، عن عائشة أن فاطمة كانت في مكان وحش فخيف على ناحيتها، فلذلك رخص لها النبي - صلى الله عليه وسلم - في الانتقال.
والثاني: عن سعيد بن المسيب أن فاطمة إنما نقلت لطول لسانها